باب اطعام المؤمن 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملأ جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا.
* الشرح:
قوله (من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة) وهو مع كونه سببا لحياة المؤمن وسد مجاعته وموجبا للتودد والتآلف المطلوبين في نظام الإسلام والمسلمين من آداب الصالحين وخلق النبيين ولكن ينبغي أن لا يكون معه تكلف وتصنع ممن شقت عليه الزيادة على القدرة المعتادة كما دلت عليه الروايات، ولا فرق في ذلك بين البادي والحاضر خلافا لبعض العامة فإنه يخص ذلك بإطعام أهل البادي لأن في الحضر مرتفقا وسوقا ولا يخفى ضعفه. ولما أشار إلى منافع إطعام المؤمن أشار إلى مضار إطعام الكافر بقوله:
(ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملأ جوفه من الزقوم مؤمنا كان أو كافرا) الزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤس الشياطين، منبتها قعر جهنم وأغصانها ترتفع في دركاتها ولها ثمرة في غاية القبح، وظاهره عدم جواز إطعام الكافر مطلقا حربيا كان أو ذميا. قريبا كان أو بعيدا، غنيا كان أو فقيرا مشرفا بالموت أولا، لكن عموم بعض الأخبار مثل «أفضل الصدقة إبراد كبد حرى» وصريح خبر مصادف عن أبي عبد الله (عليه السلام) في سقيه نصرانيا غلبه العطش (1) وإطعام الأسير الكافر، وأخبار بر الوالدين وصلة الأرحام مطلقا وإن كانوا كافرين، وجواز الوقف على الذمي يدل على جواز إطعام الكافر في الجملة سيما إذا كان ذميا خصوصا إذا كان ذا رحم. وما يتخيل من أن إطعامهم إعانة لهم على المعصية لأنه موجب لقوتهم المقتضية لطغيانهم فيها، يمكن دفعه بمثل ما ذكره الشهيد الثاني في الوقف من أن الغرض من إطعامهم ليس هو معصيتهم وطغيانهم فيها بل من حيث الحاجة وأنهم عباد الله ومن جملة بني آدم ومن جهة أنه يمكن أن يتولد منهم المسلمون، نعم إطعامهم بقصد الإعانة على المعصية أو لمحبتهم أو لكفرهم لا يجوز قطعا، ويمكن حمل هذا الخبر عليه، والله يعلم.