الايمان والبلاء متساويان.
11 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه، يذكر به.
* الشرح:
قوله (المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلا عرض له أمر يحزنه يذكر به) حزن حزنا من باب علم والاسم الحزن بالضم فهو حزين ويتعدى في لغة قريش بالحركة يقال حزنني الأمر يحزنني من باب قتل، قاله ثعلب والأزهري، وفي لغة تميم بالألف ومنع أبو زيد استعمال الماضي من الثلاثي فقال: لا يقال حزنه وإنما يستعمل المضارع من الثلاثي فيقال يحزنه عروض أمر يوجب حزن المؤمن في تلك المدة من لطف الله تعالى عليه لتنفيره عن الدنيا وتنبيهه عن الغفلة وتذكيره للآخرة وإصلاحه لنفسه وإقباله إلى الله تعالى وينبعث من ذلك التفكر فيما فات من عمره في الخيالات وما فرط منه من الهفوات الموجبة لدوام الحسرات والقلب بذلك يرق ويصفو ويتدارك ما فات ويستعد لما هو آت، وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى داود (عليه السلام) طهر قلبك بالهموم والأحزان على ما يفوت مني، وقال بعض السلف: القلب الذي لا حزن فيه كالبيت الخراب.
12 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن معاوية بن عمار، عن ناجية قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن المغيرة يقول: إن المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا ولا بكذا؟
فقال: إن كان لغافلا عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا - ثم رد أصابعه - فقال: كأني أنظر إلى تكنيعه أتاهم فأنذرهم، ثم عاد إليهم من الغد فقتلوه، ثم قال: إن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه.
* الشرح:
قوله (إن المغيرة يقول: إن المؤمن لا يبتلى بالجذام ولا بالبرص ولا بكذا وكذا فقال: إن كان لغافلا عن صاحب ياسين إنه كان مكنعا) «إن» في «إن كان» مخففة بدليل دخول اللام على خبر كان.
لا يقال صاحب ياسين هو مؤمن آل فرعون لما سيأتي في هذا الباب من رواية يونس بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع فكان يقول هكذا ويمد يديه ويقول (يا قوم اتبعوا المرسلين) وهذا ينافي ما صرح به علماء التفسير من أنه غيره وصرح به السيوطي (كذا؟) في العرايس أيضا قال كان مؤمن آل فرعون اسمه خربيل من أصحاب فرعون وكان نجارا وهو الذي نجر التابوت لأم موسى حين قذفته في البحر; وقيل إنه كان خازنا لفرعون قد خزن له مائة سنة وكان مؤمنا مخلصا يكتم إيمانه فأخذ يومئذ مع السحرة وقتل صلبا، وهو الذي ذكره الله