شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٣٢
باب العجب 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن رجل من أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن سيار، يرفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ولولا ذلك ما ابتلي مؤمن بذنب أبدا.
* الشرح:
قوله (إن الله عز وجل علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب) قيل: حقيقة العجب استعظام العمل الصالح واستكثاره والابتهاج له والادلال به وأن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير، وأما السرور به مع التواضع لله تعالى والشكر له على التوفيق لذلك وطلب الاستزادة منه فهو حسن ممدوح.
وتوضيحه ما ذكره الشيخ في الأربعين بقوله: لا ريب أن من عمل أعمالا صالحة من صيام الأيام وقيام الليالي أمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج فإن كان من حيث كونها عطية من الله له ونعمة منه تعالى عليه وكان مع ذلك خايفا من نقصها مشفقا من زوالها طالبا من الله الازدياد منها لم يكن ذلك الابتهاج عجبا. وإن كان من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير بها وصار كأنه يمن على الله سبحانه بسببها فذلك هو العجب المهلك وهو من أعظم الذنوب. وقيل: العجب هيئة نفسانية تنشأ من تصور الكمال (1) في النفس والفرح به

1 - قوله «هيئة نفسا تنشأ من تصور الكمال» قال هيئة تنشأ من تصور الكمال لا نفس تصور الكمال; لأن الإنسان العاقل إذا كان واجدا لكمال كعلم وكرم وتقوى فلابد أن يكون متصورا لكماله ومدركا له، وليس هذا منقصة. وقيل: رحم الله امرأ عرف قدره أو عرف نفسه. وذكر الأئمة (عليهم السلام) والعلماء فضائل أنفسهم وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنا سيد ولد آدم ولا فخر. وأنا أفصح من نطق بالضاد» بل لعل من لا يعرف قدر نفسه ويجعل نفسه دون مرتبته يرتكب شرورا وقبائح ولا يرى لنفسه مندوحة في ارتكابها. وورد في الشرائع الإلهية تعظيم مقام الإنسان وشرفه وكونه خليفة الله ومخلوقا بيدي الرب لأمر عظيم وقال: (لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر) ليعتقدوا شرف ذاتهم ويعرفوا أنهم فوق رتبة الحيوانات ولا يليق بهم الانهماك في الشهوات والاقتصار على الحياة الدنيا، وبالجملة فاعتراف الإنسان بكمال نفسه وشرفه وعلوه يوجب ارتداعه عن الفواحش، ومن لا يعرف لنفسه قيمة يرتكب ملاذه وشهواته ولا يبالي، فالعجب المذموم والتكبر المنهي ليسا نفس العلم بالكمال وإظهاره واعتقاد علو النفس في حد ذاته، وكان أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) يرمونه بالعجب والتكبر ولا يعرفون هذه النكتة، وإنما القبيح إذلال الغير وتوهين الناس وكسر قلوبهم في التكبر وتحقير نعم الله تعالى وفضله وإنعامه في مقابل العبادة في العجب وهما من آثار الوهم وأفعاله، والوهم رائد الشيطان فكما أن العلم بجمال انسان من غير أن يتلذذ بالنظر إليه بشهوة ليس مذموما لأن العلم للقوة العاقلة والتشهي للواهمة كذلك قياس العلم بالكمال النفساني والتكبر والعجب به والأول ممدوح والثاني مبغوض، وبالجملة قد تبين لنا من تتبع كلام العلماء أن كل كمال حاصل بسبب القوة العاقلة وكل فعل يعمل بهدايتها فهو حسن وكل ما يكون بسبب العواطف والشهوات وأمثالها أعني بالقوة الواهمة فهو شر قبيح. (ش).
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430