باب الحسد 1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن الرجل ليأتي بأي بادرة فيكفر وإن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.
* الشرح:
قوله (إن الرجل ليأتي بأي بادرة فيكفر) البادرة الخطأ وما يبدر من الحدة في الغضب من قول أو فعل.
(وإن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب) تقول: حسدته على النعمة مالا كان أو حالا مثل العلم وغيره، وحسدته النعمة حسدا بفتح السين، أو كسرها على قلة يتعدى إلى الثاني بنفسه وبالحرف إذا كرهتها عنده وتمنيت زوالها عنه سواء قصدت انتقالها إليك أم لا، وهو من طغيان القوة الشهوية المقتضية لحب الدنيا وحب البخل وحب الرئاسة وحب الفخر وحب التعزز ومن طغيان القوة الغضبية المقتضية لإلتذاذ النفس بمضار ترد على عباد الله والعداوة لهم.
ومن نقصان القوة العقلية حيث لا يعلم أن ذلك لا ينفعه بل يضره ويوجب عقوبته وأنه لا يضر المحسود بل يوجب علو درجته لكونه مظلوما وأنه مضاد لحكمة الله تعالى وإرادته وفضله وقضائه ومصالحه وقسمته لكل ما يليق به، ومفاسده كثيرة منها أنه يفسد الإيمان ويفنيه كما تفسد النار الحطب وتفنيه، وذلك لأن الحسد مع كونه في نفسه صفة منافية للايمان مضر بالنفس والجسد. أما بالنفس فلأنه يصرف فكرها إلى الاهتمام بأمر المحسود حتى لا يفرغ للتصرف فيما يعود نفعه إليها فتغفل عن الملكات الخيرية والصور العقلية المنقوشة فيها، وإذا دام الحسد واشتغل الفكر في أمر المحسود، وطال الحزن والهم له اضمحل نور العقائد وانقطع الوقت عن تحصيل الحسنات بالكلية، وأما بالجسد لأنه يعرض له عند عروض هذه الأمراض للنفس طول السهر وسوء الاغتذاء ورداءة اللون وسوء السجية وفساد المزاج. فتنقطع عنه القوة للأعمال، وإذا فسد الجسد والنفس وأعمالهما فسد الإيمان على أي معنى كان، وتشبيه كل واحد من الحسد والنار بالشخص الآكل في الإفساد والإزالة مكنية، وإثبات الأكل لهما تخييلية، وتشبيه أكل الحسد بأكل النار في الإفناء تشبيه معقول بمحسوس لزيادة الإيضاح، أو تشبيه إفساد الحسد الإيمان وإفساد النار الحطب بإفساد الأكل الطعام، واستعارة الأكل لهما تبعية، وتشبيه الأول بالثاني لقصد الإيضاح.
2 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد; والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد،