باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن فضيل بن يسار، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا عبد الواحد ما يضر رجلا - إذا كان على ذا الرأي - ما قال الناس له ولو قالوا: مجنون، وما يضره ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت.
* الشرح:
قوله (ما يضر رجلا - إذا كان على ذا الرأي - ما قال الناس له ولو قالوا مجنون) ما قال فاعل ما يضر، ولعل المراد بذى الرأي الإمام (عليه السلام) أو الأعم منه ومن أهل العلم والصلاح مطلقا ويكون الرجل عليه متابعته والإعراض عن غيره، وفيه دلالة على أن الجنون أعظم ما يقال في مقام الذم والتحقير وهو كذلك إذ بالعقل يمتاز الإنسان عن غيره من الحيوانات. والجنون يوجب زواله فيوجب دخوله في الحيوانات بل كونه أخس منها لأنه فاقد لكماله (وما يضره ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت) أي ما يضره إذا كان على ذي الرأي ما قال الناس له ولو كان على رأس جبل لأن له مع وحدته ظاهرا أنسا بالله باطنا، ولا يضره شيء مع الأنس به كما لا ينفعه شيء مع البعد عنه، وفيه شيء لأن عدم الضرر وهو فيما بين الناس أخفى من عدمه وهو على رأس جبل فكيف يصح العكس، ويمكن أن يقال معنى قوله «وما يضره» أنه ما يضره شيء سواء كان قول الناس أم غيره مثل الوحشة ونحوها وحينئذ عدم الضرر في الثاني أخفى. إذ في عدم الضرر بالوحشة حينئذ كمال خفاء. أو المراد أنه لا يضره قول الناس بأنه مجنون إذ الجنون حينئذ أظهر فعدمه أخفى.
2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: لو لم يكن في الأرض إلا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي ولجعلت له من إيمانه انسا لا يحتاج إلى أحد.
* الشرح:
قوله (قال الله تبارك وتعالى لو لم يكن في الأرض إلا مؤمن واحد لاستغنيت به عن جميع خلقي) أي اكتفيت بعبادته عن عبادتهم. وفيه إشارة إلى كمال فضيلة الإيمان وتمام نعمته، فينبغي لمن يؤمن بالله أن لا يحتقر تلك النعمة، ولا يهمل أداء شكرها الذي من جملته أداء وظائف