باب الرياء 1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لعباد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عباد إياك والرياء فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له.
* الشرح:
قوله (يا عباد إياك والرياء) حذره عن الرياء وهو من تسويلات الشيطان والنفس الأمارة الطالبة للدنيا بأي وجه كان، فربما تخيل إلى الإنسان أن الناس إذا عظموا أحدا ومالوا إلى توقيره لأمر يقتضيه كالعلم والعبادة وسائر الخيرات بذلوا له أنفسهم وأموالهم طوعا ورغبة فيتمسك بالخيرات رياء وسمعة، ويطلب بها صرف قلوبهم إليه وقيامهم بوظائف الخدمة بين يديه، ويجعلها وسيلة لإعانتهم له بالنفس والمال، وذريعة لكفايتهم مهماته في جميع الأحوال. وللرياء طرق واسعة ومسالك كثيرة، ولا يحترز منها إلا العارفون المالكون لزمام أنفسهم بالمراقبة والمحاسبة فإنه قد يتعلق بالعبادات كتحسين القراءة، وتطويل القنوت والركوع وتكثير الصوم والصلاة والسجود مثلا لإظهار أنه عابد مبالغ في العبادة، وقد يتعلق بتغيير الصورة كاصفرار الوجه لإظهار السهر، وقلة النوم، وتضعيف البدن لإظهار المجاهدة وقلة الأكل وإخفاء الصوت لإظهار الرزانة والوقار، وقد يتعلق باللسان كالتكلم بالمقالات العالية لإظهار أنه عالم ماهر. وتحريك اللسان عند لقاء الناس لإظهار أن قلبه حاضر ذاكر وقد يتعلق باللباس كلبس الصوف والخشن والمرقع لإظهار الزهد في الدنيا.
(فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له) أي من عمل عملا ينبغي أن يكون لله خالصا أو من عمل لغير الله خالصا أو بالتشريك وكله الله إلى ذلك الغير يوم القيامة، ويقول خذ أجرك منه، أو وكل ذلك العمل إلى الغير ولا يقبله أصلا، وقد روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا هل تجدون عندكم ثواب أعمالكم».
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله.