باب المكر والغدر والخديعة 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس.
* الشرح:
قوله (لولا أن المكر والخديعة في النار لكنت أمكر الناس) أي أهل المكر وأهل الخديعة على حذف المضاف أو أريد بهما الماكر والخادع مجازا، أو كونهما في النار كناية عن كون المتصف بهما فيها. والمكر والخديعة متحدان. تقول: مكر مكرا من باب قتل إذا خدع فهو ماكر، ومكار للمبالغة وأمكر بالألف لغة. وقد ينسب المكر إلى الله تعالى ويراد به المجازاة ويسمى جزاء المكر مكرا كما يسمى جزاء السيئة سيئة مجازا على سبيل مقابلة اللفظ باللفظ، وخدعته خدعا فانخدع، والخدع بالكسر اسم منه والخديعة مثله، والفاعل خدوع مثل رسول وخداع وخادع. والخدعة بالضم ما يخدع به الإنسان مثل اللعبة لما يلعب به ويمكن الفرق بينهما حيث اجتمعا بأن يراد بالمكر احتيال النفس واستعمال الرأي فيما يراد فعله مما لا ينبغي، وإرادة إظهار غيره وصرف الفكر في كيفية ترويجه، وبالخديعة إبراز ذلك في الوجود وإجراؤه على من يريد وكونه (عليه السلام) أمكر الناس على تقدير جواز المكر وعدم العقوبة به ظاهر; لأن مناط المكر على استعمال الفكر في درك الحيل ومعرفة طرق المكروهات ومعرفة كيفية ايصالها إلى الغير على وجه لا يشعر به وهو (عليه السلام) كان أعلم الناس بجميع الأمور.
2 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
يجيء كل غادر يوم القيامة بإمام مائل شدقه حتى يدخل النار، ويجيء كل ناكث بيعة إمام أجذم حتى يدخل النار.
* الشرح:
قوله (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجيء كل غادر يوم القيامة بإمام مائل شدقه حتى يدخل النار -... إلى آخره) الغدر نقض العهد والبيعة وإيقاد نار الحرب وإرادة إيصال السوء إلى الغير بالحيلة بسبب خفي، وفعله من باب ضرب، وقوله «بإمام» متعلق بغادر، والشدق بكسر الشين وفتحها: جانب الفم، ولما كان الغادر غالبا بتشبث بسبب خفي لإخفاء غدره ذكر (عليه السلام) أنه يعاقب بضد ما فعله وهو تشهيره بهذه البلية التي تتضمن خزيه على رؤوس الاشهاد ليعرفوه بقبح عمله وينبغي أن يعلم أن