شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٠٨
أمير المؤمنين (عليه السلام) «وعود نفسك الصبر على المكروه فنعم الخلق التصبر» وفيه إشارة إلى الصبر المكتسب والترغيب فيه; والمراد بالتصبر مشقته بتكلف تحمل الصبر لكونه غير خلقي وهو محمود عند الخالق ومشكور لدي الخلائق وليس المراد به اظهار الصبر مع عدم اتصافه به إذ لا محصل له.
* الأصل 12 - وعنه، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله، يغدو عليه ويروح.
* الشرح قوله: (قال إن الله تبارك وتعالى ليعطى العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطى المجاهد في سبيل الله) لاشتراكهما في حفظ نظام الخلق ورعاية حقوق أهل الإيمان وأصل الجهاد مع النفس والعدو.
(يغدو عليه ويروح) حال عن المجاهد أي يغدو المجاهد على سبيل الله أي يذهب فيه أول النهار أو مطلقا ويروح ويرجع أو يذهب في آخره أو مطلقا، والمقصود أن ثواب العبد في حسن خلقه مثل ثواب هذا المجاهد الساعي في الجهاد المستمر فيه، وفيه، وفي المصباح غدا غدوا من باب قعد ذهب غدوة وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان وراح يروح رواحا أي رجع كما في قوله تعالى (غدوها شهر رواحها شهر» أي ذهابها شهر ورجوعها شهر وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار قاله الأزهري وغيره، وعليه قوله (عليه السلام) «من راح إلى الجنة الجمعة في أول النهار فله كذا» أي ذهب.
* الأصل 13 - عنه، عن عبد الله الحجال، عن أبي عثمان القابوسي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في دولاتهم.
* الشرح قوله: (إن الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا) أشار بالإعارة إلى أن أخلاقهم (1)

١ - قوله «أشار بالإعارة إلى أن أخلاقهم» إنما تبقى الملكات الحسنة مع النفوس بعد الموت إذا كانت راسخة فمن عمل حسنا أو أظهر فضيلة من الفضائل وقتا واعرض عنها في سائر أوقاته لم ينفعه شيء، وأعلم أن الله تعالى هدى عقولنا إلى أن سعادة الإنسان في تحصيل الملكات الفاضلة لأنه تعالى لم يجعل شوقا في قلوب الإنسان ولا رغبة في أوهام الحيوان ولا صفة من الصفات في شي إلا لمصلحة فيها فجعل المحبة في قلوب الأمهات لحفظ الأولاد، والنفرة من العفونات للتجنب من الأمراض واستحسان الماء والخضر لتعمير البلاد وازدياد الارزاق، والشهوة لبقاء النسل وكذلك الهم الانسان استحسان الفضائل وتقبيح الرذائل فكل أحد يميز بعقله العملي بين الحسن والقبح ويلوم الظالم والقاتل والسارق والزاني ويمدح المحسن السخي العفيف العادل وليس ذلك الخلق في الإنسان عبثا بل لابد أن يكون هذا يفيده فائدة كسائر غرائزه وملكاته قال تعالى « ونفس ما سويها فألهمها فجورها وتقويها» أي أعطاها معفرة الحسن والقبح بعقله ولذلك مصلحه البتة وهي ما ذكره تعالى بقوله «قد أفلح من زكيها وقد خاب من دسيها». (ش)
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428