فيه بعدم وجوب ادخال الكعب بأنه لا يمنع مسح محل الفرض وقد سبقهما إلى ذلك التعليل الشيخ في التهذيب حيث حمل المسح على النعل الوارد في الاخبار على النعل العربية لأنها تمنع من ايصال الماء إلى ما يجب مسحه ونحوهما المحكي في الذكر عن ابن الجنيد وهو أيضا صريح ابن إدريس في السرائر حيث منع بعد ذكر النعل العربي عن المسح على ما يحول قال سواء كان منسوبا إلى العرب أو العجم والذي ينبغي ان يقوله انه لا ينبغي التأمل في عدم وجوب استبطان الشراك كما في الأخبار المعتبرة وظاهر ما تقدم من الأصحاب في تفسير الكعب بأنه معقد الشراك كونه على جزء من الكعب وحينئذ يكشف هذه الأخبار بعمومها عن خروج بعض الكعب عن محل المسح فلا فرق حينئذ بين الشراك وغيرها ومن الغرائب جمع العلامة في المنتهى بين القول بكون الكعب هو المفصل وكونه معقد الشراك ودخوله في الممسوح وتعليل عدم استبطان الشراك بعدم منعه لمسح محل الفرض ثم إن ظاهر اخبار الشراك بأجمعها هو المسح على النعلين وربما يستظهر منه قيام الشراك مقام محله كالجبيرة ولعل حكمته الوسعة على العباد وحينئذ فيكون هذه الأخبار على خلاف القاعدة الا ان يراد من المسح على النعلين المسح على الرجل ويكون ذلك تسامحا في التعبير من جهة لصوق النعل فيكون المسح عليها مسحا على النعل ويشهد له وقوع هذا التعبير في كلام الأصحاب مع تعليل أكثرهم بعدم كونه مانعا عن مسح محل الفرض مع أنهم لا يريدون مسح الشراك قطعا وكيف كان فلا يصح المسح على الحائل ولا يعد جزءا من الوضوء (الا) إذا كان (للتقية) من المخالفين فإنه يصح حديث حسن بلا خلاف فيه في الجملة للحرج بتركه فيسقط اعتبار مماسة الماسح للبشرة لقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج فيمسح عليه كما نطق به رواية عبد الاعلى المتقدمة في وضع المرارة على الرجل هذا مضافا إلى الأخبار الخاصة ففي رواية أبى الورد وهل فيهما يعنى المسح على الخفين رخصة قال لا الا من عدو تقيه أو ثلج تخافه على رجليك لكن في صحيحة زرارة المروية عن الكافي في باب الأطعمة والأشربة قلت لأبي جعفر (ع) هل في المسح على الخفين تقية قال لا تتق في ثلاث قلت وما هن قال شرب المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج وروى هشام في الصحيح عن أبي عمر قال قال أبو عبد الله (ع) يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شئ الا في شرب النبيذ والمسح على الخفين ومتعة الحج وعن الدعائم عن الصادق (ع) التقية ديني و دين آبائي الا في ثلاث شرب المسكر والمسح على الخفين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وفى صحيحة زرارة قلت هل في مسح الخفين تقية قال ثالث لا اتقى فيهن أحدا شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج قال زرارة ولم يقل الواجب عليكم ان لا تتقوا فيهن أحدا الخبر وكلام زرارة يحتمل ان يريد به انه (ع) بين حكم نفسه (ع) لا حكمنا فلعل الحكم مختصه به ويحتمل ان يريد به انه لم يوجب التقية في هذه الثلاثة كما في سائر مواردها لا انه أوجب علينا تركه فكان هذا مستثنى من عموم لا دين لمن لا تقية له كما في رواية الدعائم فيكون التقية هنا رخصة لا عزيمة كالتقية في اظهار كلمة الكفر ويكون النهى في صحيحة الكافي محمولا على المرجوحية ويمكن ان يحمل رواية أبى الورد على مورد الضرر الفعلي دون التقية المبتنية على ملاحظة الضرر النوعي على الشيعة باشتهارهم بمخالفة جمهور الناس دون الضرر الفعلي اللاحق للشخص بترك هذا الفعل الخاص و يشهد لهذا الحمل عطف البرد المعتبر فيه الضرر الشخصي اجماعا لكن هذا مبنى على أن التقية لا يعتبر فيه ترتب الضرر الفعلي على الترك بل الحكمة فيها ملاحظة اللاحق من اجتماع الشيعة على تركها واشتهارهم بخلافها وهذا وإن كان يظهر من جملة من الاخبار الا ان المستفاد من كثير منها خلاف ذلك ففي رواية البزنطي عن إبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني (ع) أسئله عن الصلاة خلف من تولى أمير المؤمنين (ع) وهو يمسح على الخفين قال فكتب لا تصل خلف من يمسح على الخفين فان جامعك واياهم موضع لا تجد بدا من الصلاة معهم فاذن لنفسك وأقم إلى اخر الرواية وفى رواية معمر بن يحيى كلما خاف المؤمن على نفسه فيه ضرورة فله فيه التقية وفى معناها ما ورد من أن كل شئ يضطر إليه ابن ادم ففيه التقية فان ظاهرها بيان ضابط التقية ومدارها نفيا وثباتا والمرسل المحكي في الفقه الرضوي عن العالم (ع) لا تصل خلف أحد الا خلف رجلين أحدهما من تثق به وبدينه وورعه والاخر من تتقى سيفه وسوطه وشره وبوايقه وشنعته فصل خلفه على سبيل التقية والمداراة وعن دعائم الاسلام بسنده عن أبي جعفر (ع) لا تصلوا خلف ناصب ولا كرامة الا ان تخافوا على أنفسكم ان تشيروا ويشار إليكم فصلوا في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا إلى غير ذلك من الاخبار التي يقف عليها التتبع وكيف كان الاظهر اعتبار ترتب الضرر على مخالفة التقية في خصوص الواقعة فتكون التقية كسائر الاعذار الا انه اختلف في أنه هل يعتبر في شرعيتها عدم المندوحة والعجز عن أداء الواجب على النهج المشروع فيجب عليه التأخير مع سعة الوقت ورجاء التمكن في اخره على القول بذلك في أولي الأعذار ويجب الانتقال من مكان التقية إلى مكان الامن وكذا غيره من أنواع التخلص أم لا يجب بل يكفي ترتب الضرر على مخالفة التقية حال الفعل وان قدر على التخلص بتغير الوقت أو المكان أو إقامة المخالف من مجلسه ان تيسر وجهان بل قولان ظاهر من تمسك بأدلة الحرج كالفاضلين هو الأول وصريح البيان وجامع المقاصد والروض هو الثاني بل قد يشعر كلام الثاني بكونه من المسلمات لأنه ذكر أولا الخلاف في بقاء اثر هذا الوضوء بعد زوال التقية واختار البقاء ثم قال ولا يشترط في جواز ذلك ونحوه التقية عدم المندوحة وهو يؤيد بقاء الطهارة مع زوال السبب ويدل على هذا القول ظاهر ما تقدم من رواية أبى الورد وإن كان عطف الثلج عليه ربما يشعر باتحادهما في الاختصاص بصورة عدم المندوحة عنها وكذا بعض
(١٢٨)