فالصحيح الجواز كما في الخلاصة والبزازية، وإياك أن تفهم خلاف ذلك فإنه غلط. ا ه.
مطلب في الكلام على الرشوة والهدية قوله: (أخذ القضاء برشوة) بتثليث الراء. قاموس. وفي المصباح: الرشوة بالكسر: ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد. جمعها رشا مثل سدرة وسدر، والضم لغة، وجمعها: رشا بالضم ا ه. وفيه البرطيل بكسر الباء: الرشوة، وفتح الباء عامي.
وفي الفتح: ثم الرشوة أربعة أقسام: منها ما هو حرام على الآخذ والمعطي وهو الرشوة على تقليد القضاء والامارة. الثاني: ارتشاء القاضي ليحكم وهو كذلك ولو القضاء بحق لأنه واجب عليه.
الثالث: أخذ المال ليسوي أمره عند السلطان دفعا للضرر أو جلبا للنفع وهو حرام على الآخذ فقط، وحيلة حلها: أن يستأجره يوما إلى الليل أو يومين فتصير منافعه مملوكة ثم يستعمله في الذهاب إلى السلطان للامر الفلاني، وفي الأقضية قسم الهدية وجعل هذا من أقسامها فقال: حلال من الجانبين كالإهداء للتودد وحرام منهما كالإهداء ليعينه على الظلم وحرام على الآخذ فقط، وهو أن يهدي ليكف عنه الظلم، والحيلة أن يستأجره الخ قال: أي في الأقضية: هذا إذا كان فيه شرط، أما إذا كان بلا شرط لكن يعلم يقينا أنه إنما يهدي ليعينه عند السلطان فمشايخنا على أنه لا بأس به، ولو قضى حاجته بلا شرط ولا طمع فأهدى إليه بعد ذلك فهو حلال لا بأس به، وما نقل عن ابن مسعود من كراهته فورع. الرابع: ما يدفع لدفع الخوف من المدفوع إليه على نفسه أو ماله حلال للدافع حرام على الآخذ، لان دفع الضرر عن المسلم واجب ولا يجوز أخذ المال ليفعل الواجب ا ه ما في الفتح ملخصا. وفي القنية: الرشوة يجب ردها ولا تملك، وفيها دفع للقاضي أو لغيره سحتا لاصلاح المهم فأصلح ثم ندم يرد ما دفع إليه ا ه. وتمام الكلام عليها في البحر، ويأتي الكلام على الهدية للقاضي والمفتي والعمال. قوله: (للسلطان) صفة لرشوة: أي دفعها القاضي له، وكذا لو دفعها غيره كما في البحر عن البزازية. قوله: (أو ارتشى) المناسب إسقاطه، لأنه يغني عنه قوله: ولو كان عدلا مع ما فيه من الايهام كما تعرفه. قوله: (لا ينفذ حكمه) فيه إيهام التسوية بين المسألتين، مع أنه إذا أخذ القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا، كما في الكنز.
قال في البحر: وهو الصحيح ولو قضى لم ينفذ، وبه يفتى ا ه. ومثله في الدرر عن العمادية.
وأما إذا ارتشى: أي بعد صحة توليته سواء ارتشى ثم قضى أو قضى ثم ارتشى كما في الفتح، فحكي في العمادية فيه ثلاثة أقوال: قيل إن قضاءه نافذ فيما ارتشى فيه وفي غيره. وقيل لا ينفذ فيه وينفذ فيما سواه، واختاره السرخسي. وقيل لا ينفذ فيهما. والأول اختاره البزدوي واستحسنه في الفتح، لان حاصل أمر الرشوة فيما إذا قضى بحق إيجاب فسقه، وقد فرض أنه لا يوجب العزل فولايته قائمة وقضاؤه بحق فلم لا ينفذ وخصوص هذا الفسق غير مؤثر، وغاية ما وجه أنه إذا ارتشى عامل لنفسه معنى والقضاء عمل لله تعالى ا ه.
قال في النهر تبعا للبحر: وأنت خبير بأن كون خصوص هذا الفسق غير مؤثر ممنوع، بل يؤثر بملاحظة كونه عملا لنفسه، وبهذا يترجح ما اختاره السرخسي. وفي الخانية أجمعوا أنه إذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى فيه ا ه.