نقلناه آنفا عن الذخيرة، وفي البحر عن القنية: ولو كان غزلا فنسجه أو فليقا فجعله إبريسما ثم ظهر أنه كان رطبا وانتقص وزنه رجع بنقصان العيب، بخلاف ما إذا باع ا ه. وبه علم أن الاكل غير قيد، بل مثله كل تصرف لا يخرجه عن ملكه كما يعلم مما قدمناه عن المحيط. وتقدم حكم القيمي عند قوله: كما لا يرجع لو باع المشتري الثوب الخ. قوله: (ابن كمال) حيث قال: والخلاف فيما إذا كان الطعام في وعاء واحد أو لم يكن في وعاء، فإن كان في وعاءين فله رد الباقي بحصته من الثمن في قولهم، كذا في الحقائق والخانية ا ه.
قلت: ولفظ الخانية: فإن كان في وعاءين فأكل ما في أحدهما أو باع ثم علم بعيب كان له أن يرد الباقي بحصته من الثمن في قولهم، لان المكيل والموزون بمنزلة أشياء مختلفة فكان الحكم فيه ما هو الحكم في العبدين والثوبين ونحو ذلك ا ه. ومقتضاه أنه لا خلاف في ثبوت رد المعيب وحده، نعم نقل العلامة قاسم في تصحيحه عن الذخيرة أن من المشايخ من قال: لا فرق بين الوعاء والأوعية ليس له أن يرد البعض بالعيب، وإطلاق محمد في الأصل يدل عليه، وبه كان يفتي شمس الأئمة السرخسي. ثم قال العلامة قاسم: والأول أقيس وأرفق. قوله: (وسيجئ) أي قبيل قوله:
اشترى جارية لكن الذي سيجئ هو ترجيح عدم الفرق بين الوعاء والأكثر. قوله: (فعلى ما في الاختيار الخ) أي من قوله: وعنهما يرد ما بقي ويرجع الخ فإنه يفيد مطلب: يرجح أنه قياس لذكره له بعد قوله:
فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما مطلب يرجح القياس وحاصله أن إحدى الروايتين عنهما استحسانا، والثانية قياس، فيكون ترجيح الثانية كما وقع في الاختيار والقهستاني من ترجيح القياس عن الاستحسان. وهذا تقرير كلام الشارح، وبه اندفع ما قيل:
إن الشارح وافق هنا ما في الهداية وغيرها من أن القياس قولهما، فافهم، نعم ما فهمه الشارح على ما قررناه خلاف المفهوم من كلامهم، فقد قال في الهداية: وأما الاكل فعلى الخلاف، عندهما يرجع، وعنده لا يرجع استحسانا، وإن أكل بعض الطعام ثم علم بالعيب فكذا الجواب عنده. وعنهما: أنه يرجع بنقصان العيب في الكل. وعنهما: أنه يرد ما بقي ا ه. وقال في الاختيار: عندهما يرجع استحسانا، وعنده لا يرجع الخ، فإنه المفهوم من هذا أنه في الهداية جعل الرجوع بالنقصان عندهما قياسا، وعدمه وعنده استحسانا، وفي الاختيار بالعكس.
وحاصله أن الرجوع بالنقصان عندهما: قيل إنه قياس، وقيل: إنه استحسان. ثم بعد قولهما بالرجوع بالنقصان ففي صورة أكل البعض عنهما روايتان: الأولى يرجع بنقصان الكل فلا يرد الباقي.
والثانية يرجع بنقصان ما أكل فقط ويرد ما بقي. وأنت خبير بأنه ليس في هذا ما يفيد أن إحدى هاتين الروايتين قياس والأخرى استحسان كما فهمه الشارح، بل كل منهما قياس على ما في الهداية، والاستحسان قول الإمام بعدم الرجوع بشئ أصلا، وكل منهما استحسان على ما في الاختيار، والقياس قول الإمام المذكور، فتنبه. قوله: (ولو أعتقه على مال) أي لا يرجع لأنه حبس بدله وحبس البدل كحبس المبدل. وعنه أنه يرجع لأنه إنهاء للملك وإن كان بعوض. ح عن الهداية. وعند أبي