والحاصل: أن المسألة رباعية، وأن الفساد في صورة واحدة: وهي الاختلاف في المالية فقط، والصحة في الثلاث الباقية كما بسطه في البحر، ومثل في الهداية مسألة الاستواء في المالية والرواج بالثنائي والثلاثي، واعترضه الشراح بأن مالية الثلاثة أكثر من الاثنين. وأجاب في البحر بأن المراد بالثنائي ما قطعتان منه بدرهم، وبالثلاثي ما ثلاثة منه بدرهم.
مطلب مهم في حكم الشراء بالقروش في زماننا قلت: وحاصله: أنه إذا اشترى بدرهم فله دفع درهم كامل أو دفع درهم مكسر قطعتين، أو ثلاثة حيث تساوى الكل في المالية والرواج، ومثله في زماننا الذهب يكون كاملا ونصفين وأربعة أرباع، كلها سواء في المالية والرواج، بل ذكر في القنية في باب المتعارف بين التجار كالمشروط برمز عت: باع شيئا بعشرة دنانير واستقرت العادة في ذلك البلد أنهم يعطون كل خمسة أسداس مكان الدينار واشتهرت بينهم، فالعقد ينصرف إلى ما تعارفه الناس فيما بينهم في تلك التجارة، ثم رمز فك جرت العادة فيما بين أهل خوارزم، أنهم يشترون سلعة بدينار ثم ينقدون ثلثي دينار محمودية أو ثلثي دينار وطسوج نيسابورية قال: يجري على المواضعة ولا تبقى الزيادة دينا عليهم ا ه. ومثله في البحر عن التتارخانية، ومنه يعلم حكم ما تعورف في زماننا من الشراء بالقروش، فإن القرش في الأصل قطعة مضروبة من الفضة تقوم بأربعين قطعة من القطع المصرية المسماة في مصر نصفا، ثم إن أنواع العملة المضروبة تقوم بالقروش، فمنها ما يساوي عشرة قروش، ومنها أقل، ومنها أكثر، فإذا اشترى بمائة قرش، فالعادة أنه يدفع ما أراد إما من القروش أو مما يساويها من بقية أنواع العملة من ريال أو ذهب، ولا يفهم أحد أن الشراء وقع بنفس القطعة المسماة قرشا، بل هي أو ما يساويها من أنواع العملة المتساوية في الرواج المختلفة في المالية، ولا يرد أن صورة الاختلاف في المالية مع التساوي في الرواج: هي صورة الفساد من الصور الأربع، لأنه هنا لم يحصل اختلاف مالية الثمن حيث قدر بالقروش، وإنما يحصل الاختلاف إذا لم يقدر بها، كما لو اشترى بمائة ذهب وكان الذهب أنواعا كلها رائجة مع اختلاف ماليتها، فقد صار التقدير بالقروش في حكم ما إذا استوت في المالية والرواج، وقد مر أن المشتري يخير في دفع أيهما شاء، قال في البحر: فلو طلب البائع أحدهما للمشتري دفع غيره، لان امتناع البائع من قبول ما دفعه المشتري ولا فضل تعنت ا ه. بقي هنا شئ وهو أنا قدمنا أنه على قول أبي يوسف المفتى به: لا فرق بين الكساد والانقطاع والرخص والغلاء في أنه تجب قيمتها يوم وقع البيع أو القرض إذا كانت فلوسا أو غالبة الغش، وإن كان فضة خالصة أو مغلوبة الغش تجب قيمتها من الذهب يوم البيع على ما قاله الشارح، أو مثلها على ما بحثناه، وهذا إذا اشترى بالريال أو الذهب، مما يراد نفسه، أما إذا اشترى بالقروش المراد بها ما يعم الكل كما قررناه، ثم رخص بعض أنواع العملة أو كلها واختلفت في الرخص، كما وقع مرارا في زماننا، ففيه اشتباه، فإنها إذا كانت غالبة الغش، وقلنا تجب قيمتها يوم البيع، فهنا لا يمكن ذلك لأنه ليس المراد بالقروش نوع معين (1)، من العملة حتى نوجب قيمته، وإذا قلنا: إن الخيار للمشتري في تعيين نوع منها كما كان الخيار له قبل أن ترخص، فإنه كان مخيرا في دفع أي نوع أراد، فإبقاء الخيار له