باب البيع الفاسد أخره عن الصحيح لكون عقدا مخالفا للدين كما أوضحه في الفتح، وسيأتي أنه معصية يجب رفعها، وسيأتي في باب الربا أن كل عقد فاسد فهو ربا: يعني إذا كان فساده بالشرط الفاسد، وفي القاموس: فسد كنصر وقعد وكرم فسادا وفسودا ضد صلح فهو فاسد وفسيد، ولم يسمع انفسد ا ه.
ونقل في الفتح أنه يقال للحم الذي لا ينتفع به لدود ونحوه باطل، وإذا أنتن وهو بحيث ينتفع به فسد اللحم، وفيه مناسبة للمعنى الشرعي، وهو ما كان مشروعا بأصله لا بوصفه، ومرادهم من مشروعية أصله كونه ما لا متقوما لا جوازه وصحته لان فساده يمنع صحته، أو أطلقوا المشروعية عليه نظرا إلى أنه لو خلا عن الوصف لكان مشروعا. وأما الباطل، ففي المصباح بطل الشئ يبطل بطلا وبطولا وبطلانا يضم الأوائل: فسد أو سقط حكمه فهو باطل، والجمع بواطل أو أباطيل ا ه. وفيه مناسبة للمعنى الشرعي وهو ما لا يكون مشروعا لا بأصله ولا بوصفه. وأما المكروه، فهو لغة: خلاف المحبوب، واصطلاحا: ما نهى عنه لمجاور كالبيع عند أذان الجمعة. وعرفه في البناية بما كان مشروعا بأصله ووصفه، لكن نهى عنه لمجاور، ويمكن إدخاله تحت الفاسد أيضا على إرادة الأعم وهو ما نهى عنه فيشمل الثلاثة كما في البحر. قوله: (المراد بالفاسد الممنوع الخ) قد علمت أن الفاسد مباين للباطل، لان ما كان مشروعا بأصله فقط يباين ما ليس بمشروع أصلا. وأيضا حكم الفاسد أنه يفيد الملك بالقبض والباطل لا يفيده أصلا، وتباين الحكمين دليل تباينهما، فإطلاق الفاسد في قولهم باب البيع الفاسد على ما يشمل الباطل لا يصح على حقيقته، فأما أن يكون لفظ الفاسد مشتركا بين الأعم والأخص أو يجعل مجازا عرفيا في الأعم لأنه خير من الاشتراك، وتمامه في الفتح.
مطلب في أنواع البيع ثم اعلم أن البيع جائز وقد مر بأقسامه. وغير جائز، وهو ثلاثة: باطل، وفاسد، وموقوف، كذا في الفتح. وأراد بالجائز النافذ، وبمقابله غيره لا الحرام، إذ لو أريد ذلك لخرج الموقوف لما قالوه من أن بيع مال الغير بلا إذنه بدون تسليم ليس بمعصية.
مطلب لبيع الموقوف من قسم الصحيح على أنه في المستصفى جعله من قسم الصحيح، حيث قال: البيع نوعان: صحيح، وفاسد.
والصحيح نوعان: لازم، وغير لازم. نهر وذكر في البحر أن البيع المنهى عنه ثلاثة: باطل، وفاسد، ومكروه تحريما، وقد مرت. وما لا نهى فيه ثلاثة أيضا: نافذ لازم، ونافذ ليس بلازم، وموقوف، فالأول: ما كان مشروعا بأصله ووصفه ولم يتعلق به حق الغير ولا خيار فيه، والثاني: ما لم يتعلق به حق الغير، وفيه خيار. والموقوف: ما تعلق به الغير، وحصره في الخلاصة في خمسة عشر.
قلت: بل أوصله في النهر إلى نيف وثلاثين كما سيأتي في باب بيع الفضولي. ثم قال في البحر:
والصحيح يشمل الثلاثة، لأنه ما كان مشروعا بأصله ووصفه والموقوف كذلك فهو قسم منه، وهو