ذكره من التقييد يندفع ما يتوهم من منافاة ما في الخلاصة لما مر من أن هلاك بعضه يمنع الإقالة بقدره، ولما مر في قوله: شرى أرضا مزروعة الخ ومثله مسألة التاترخانية المذكورة، ويؤيده ما قدمناه من أن الزيادة المنفصلة المتولدة تمنع لو بعض القبض، والله سبحانه أعلم.
باب المرابحة والتولية وجه تقديم الإقالة عليهما: أن الإقالة بمنزلة المفرد من المركب، لأنها إنما تكون مع البائع، بخلاف التولية والمرابحة فإنهما أعم من كونهما مع البائع وغيره ط. وأيضا فالإقالة متعلقة بالمبيع لا بالثمن، ولذا كان من شروطها قيام المبيع، والتولية والمرابحة متعلقان أصالة بالثمن، والأصل هو المبيع.
قوله: (لما بين المثمن الخ) قال في الغاية: لما فرع من بيان أنواع البيوع اللازمة وغير اللازمة كالبيع بشرط الخيار وكانت هي بالنظر إلى جانب المبيع شرع في بيان أنواعها بالنظر إلى جانب الثمن كالمرابحة والتولية والربا والصرف، وتقديم الأول على الثاني لأصالة المبيع دون الثمن ا ه ط. عن الشلبي. قوله:
(ولم يذكر المساومة) هي البيع بأي ثمن كان من غير نظر إلى الثمن الأول وهي المعتادة. قوله:
(والوضيعة) هي البيع بمثل الثمن الأول، مع نقصان يسير، إتقاني. وفي البحر: هي البيع بأنقص من الأول، وقدمنا أول البيوع عن البحر خامسا وهو الاشتراك: أي أن يشرك غيره فيما اشتراه: أي بأن يبيعه نصفه مثلا لكنه غير خارج عن الأربعة. قوله: (وشرعا بيع ما ملكه بما قام عليه وبفضل) عدل عن قول الكنز: هو بيع بثمن سابق، لما أورد من أنه غير مطرد ولا منعكس: أي غير مانع ولا جامع.
أما الأول فلان من شرى دنانير بالدراهم لا يجوز له بيعها مرابحة، وكذا من اشترى شيئا بثمن نسيئة لا يجوز له أن يرابح عليه من صدق التعريف عليهما، وأما الثاني فلان المغصوب الآبق إذا عاد بعد القضاء بالقيمة على الغاصب جاز بيع الغاصب له مرابحة بأن يقول: قام علي بكذا، ولا يصدق التعريف عليه بعدم الثمن، وكذا لو رقم في الثوب مقدارا ولو أزيد من الثمن الأول ثم رابحه عليه جاز كما سيأتي بيانه عند ذكر الشارح له، وكذا لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمة ثم رابحه على تلك القيمة، ولا يصدق التعريف عليهما، لكن أجيب عن مسألة الدنانير بأن الثمن المطلق يفيد أن مقابله مبيع متعين، ولذا قال الشارح: من العروض ويأتي بيانه، وعن مسألة الاجل بأن الثمن مقابل بشيئين: أي بالمبيع وبالأجل، فلم يصدق في أحدهما أنه بثمن سابق. وقول البحر: أنه لا يرد لجوازها إذا بين أنه اشتراه نسيئة، رده في النهر بأن الجواز إذا بين لا يختص بذلك، بل هو في كل ما لا تجوز فيه المرابحة، كما لو اشترى من أصوله أو فروعه جاز إذا بين كما سيأتي. وعن مسائل العكس بأن المراد بالثمن ما قام عليه بلا خيانة، وتمامه في النهر، فكان الأولى قول المصنف تبعا للدرر بيع ما ملكه الخ لعدم احتياجه إلى تحرير المراد، ولأنه لا يدخل فيه مسألة الاجل، لأنه إذا لم يبين الاجل لم يصدق عليه أنه بيع ما ملكه بما قام عليه لما علمت قوله: (من العروض) احتراز عما ذكرنا من أنه لو شرى دنانير بدراهم، لا يجوز له بيعها مرابحة كما في الزيلعي والبحر والنهر والفتح. وعلله في الفتح بأن يدلي الصرف لا يتعينان، فلم تكن عن هذه الدنانير متعينة لتلزم مبيعا ا ه. لكن هذا وارد على تعريف المصنف، إذ لا دلالة فيه عليه، بخلاف تعريف الكنز وغيره، فإن قوله بالثمن السابق دليل على أن المراد