الحق لصدق التعريف وحكمه عليه فإن حكمه إفادة الملك بلا توقف على القبض، ولا يضر توقفه على الإجازة كتوقف ما فيه خيار على إسقاطه ا ه.
قلت: ينبغي استثناء بيع المكره فإنه موقوف على إجازته مع أنه فاسد كما حققناه أول البيوع، وحررنا هناك أيضا أن أيضا ان بيع الهزل فاسد لا باطل، وإن كان لا يفيد الملك بالقبض لكونه أشبه البيع بالخيار، وليس كل فاسد يملك بالقبض كما سيأتي. قوله: (في ركن البيع) هو الايجاب والقبول، بأن كان من مجنون أو صبي لا يعقل، وكان عليه أن يزيد أو في محله: أعني لمبيع، فإن الخلل فيه مبطل بأن كان البيع ميتة أو دما أو حرا أو خمرا، كما في ط عن البدائع. قوله: (وما أورثه في غيره) أي في غير الركن، وكذا في غير المحل، وذلك بأن كان في الثمن بأن يكون خمرا مثلا، أو بأن كان من جهة كونه غير مقدور التسليم، أو فيه شرط مخالف لمقتضى العقد فيكون البيع بهذه الصفة فاسدا لا باطلا لسلامة ركنه ومحله عن الخلل، كما في ط عن البدائع. وبه ظهر أن الوصف ما كان خارجا عن الركن والمحل.
تنبيه: في شرح مسكين: ثم الضابط في تمييز الفاسد من الباطل أن أحد العوضين إذا لم يكن مالا في دين سماوي فالبيع باطل، سواء كان مبيعا أو ثمنا، فبيع الميتة والدم والحر باطل، وكذا البيع به، وإن كان في بعض الأديان مالا دون البعض إن أمكن اعتباره ثمنا فالبيع فاسد، فبيع العبد بالخمر أو الخمر بالعبد فاسد، وأن تعين كونه مبيعا فالبيع باطل، فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم بالخمر باطل ا ه.
قلت: وهذا الضابط يرجع إلى الفرق بينهما من حيث المحل فقط، وما مر من حيث الركن والمحل فهو أعم، فافهم. قوله: (بطل بيع ما ليس بمال) أي ما ليس بمال في سائر الأديان بقرينة قوله: والبيع به فإن ما يبطل سواء كان مبيعا أو ثمنا ما ليس بمال أصلا، بخلاف نحو الخمر فإن بيعه باطل إذا تعين كونه مبيعا، أو لو أمكن اعتباره ثمنا فبيعه فاسد كما علمته من الضابط المذكور آنفا، لان البيع وإن كان مبناه على البدلين لكن الأصل فيه المبيع دون الثمن، ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون الثمن، ولان الثمن غير مقصود بل هو وسيلة إلى المقصود وهو الانتفاع بالأعيان.
مطلب في تعريف المال قوله: (والمال) أي من حيث هو، لا المذكور قبله، لان التعريف المذكور يدخل فيه الخمر فهي مال وإن لم تكن متقومة، ولذا قال بعده: وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير، فإن المتقوم هو المال المباح الانتفاع به شرعا. وقدمنا أول البيوع تعريف المال بما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، وأنه خرج بالإدخار المنفعة، فهي ملك لا مال، لان الملك ما من شأنه أن يتصرف فيه بوصف الاختصاص كما في التلويح. فالأولى ما في الدرر من قوله: المال موجود يميل إليه الطبع الخ، فإنه يخرج بالموجود المنفعة فافهم. ولا يرد أن المنفعة تملك بالإجارة، لان ذلك تمليك لا بيع حقيقة ولذا قالوا: إن الإجارة لا بيع المنافع حكما: أي إن فيها حكم البيع وهو التمليك لا حقيقته، فاغتنم هذا التحرير. قوله: (فخرج التراب) أي القليل ما دام في محله، وإلا فقد يعرض له بالنقل ما يصير به مالا معتبرا أو مثله الماء، وخرج أيضا نحو حبة من حنطة والعذرة الخالصة، بخلاف المخلوطة بتراب، ولذا جاز بيعها كسرقين كما يأتي، وخرج أيضا المنفعة على ما ذكرنا آنفا. قوله: (والميتة) بفتح الميم وسكون