باب كفالة الرجلين شروع فيما هو كالمركب بعد الفراغ من المفرد ط. قوله: (بأن اشتريا منه عبدا بمائة) أشار إلى استواء الدينين صفة وسببا، فلو اختلفا صفة بأن كان ما عليه: أي ما على المؤدي مؤجلا وما على صاحبه حالا، فإذا أدى صح تعيينه عن شريكه ورجع به عليه، وعلى عكسه لا يرجع، لان الكفيل إذا عجل دينا مؤجلا ليس له الرجوع على الأصيل قبل الحلول، ولو اختلف سببهما نحو أن يكون ما على أحدهما فرضا وما على الآخر ثمن مبيع فإنه يصح تعيين المؤدي، لأن النية في الجنسين المختلفين معتبرة، وفي الجنس الواحد لغو. بحر عن الفتح. قوله: (وكفل كل عن صاحبه) فلو كفل أحدهما عن صاحبه دون الآخر وأدى الكفيل فجعله عن صاحبه فإنه يصدق. بحر. قوله: بأمره وإلا فلا رجوع بشئ أصلا قوله: (زائدا على النصف) المراد أن يكون زائدا على ما عليه ولو كان دون النصف أو أكثر ط. قوله: (لرجحان جهة الأصالة على النيابة) لان الأول دين عليه، والثاني مطالبة بلا دين.
ثم هو تابع فوجب صرف المؤدي إلى الأقوى حتى على القول بجعل الدين على الكفيل مع المطالبة فإن ما عليه بالأصالة أقوى، فإن من اشترى في مرض موته شيئا كان من كل المال ولو مديونا، ولو كفل كان من الثلث إلا إذا كان مديونا فلا يجوز، أفاده في الفتح. قوله: (لأدى إلى الدور) لان لو جعل شئ من المؤدى عن صاحبه فلصاحبه أن يقول: أداؤك كأدائي، فإن جعلت شيئا من المؤدى عني ورجعت علي بذلك فلي أن أجعل المؤدى عنك كما لو أديت بنفسي فيفضي إلى الدور. كذا في الكفاية. وذكر في الفتح أنه ليس المراد حقيقة الدور، فإنه توقف الشئ على ما توقف عليه، بل اللازم في الحقيقة التسلسل في الرجوعات بينهما فيمتنع الرجوع إلى المؤدي إليه، وتمامه فيه قوله: (كل واحد منهما بجميعه منفردا) قيد بقوله: بجميعه للاحتراز عما لو تكفل كل واحد منهما بالنصف ثم تكفل كل عن صاحبه، فهي كالمسألة الأولى في الصحيح فلا يرجع حتى يزيد على النصف، وبقوله: منفردا وهو حال من كل للاحتراز عما لو تكفلا عن الأصيل بجميع الدين معا ثم تكفل كل واحد منهما عن صاحبه فهو كذلك، لان الدين ينقسم عليهما نصفين فلا يكون كفيلا عن الأصيل بالجميع كما في البحر وفي نور العين عن النهاية عن الشافي: ثلاثة كفلوا بألف يطالب كل واحد بثلث الألف، وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالألف، كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي والمرغيناني والتمرتاشي ا ه. قوله: (ثم كفل كل من الكفيلين عن صاحبه) قيد به، لأنه بدون ذلك لا رجوع لأحدهما على الآخر. وفي الهندية عن المحيط: كفل ثلاثة عن رجل بألف فأدى أحدهم برئوا جميعا ولا يرجع على صاحبيه بشئ، ولو كان كل واحد كفيلا عن صاحبه رجع المؤدي عليهما بالثلثين ولصاحب المال أن يطالب كل واحد منهم بالألف، هذا إذا ظفر: أي المؤدي بالكفيلين، فإن ظفر بأحدهما رجع عليه بالنصف ثم رجعا على الثالث بالثلث ثم رجعوا جميعا على الأصيل بالألف، وإن ظفر بالأصيل