قوله: (ويأخذ البائع الدار من الشفيع) أي ويرجع الشفيع بما دفع من قيمة العبد على البائع. قوله:
(لبطلان البيع) علة لقوله: بطلت الشفعة ط. والتعليل بذلك مذكور في القنية، وهو صريح في أن الاستحقاق في بيع المقايضة يبطل البيع. وفي جامع الفصولين: استحقاق بدل المبيع يوجب الرجوع بعين المبيع قائما وبقيمته هالكا. وفيه أيضا: إذا استحق أحد البدلين في المقايضة وهلك البدل الآخر تجب قيمة الهالك لا قيمة المستحق لانتقاض البيع ا ه. وفي حاشيته للخير الرملي: هذا يدل بإطلاقه على ما لو باعه المقايض لغيره وسلمه له ثم استحق بدله من يد المقايض للثاني أن يرجع بعين المبيع على المشتري منه لانتقاض البيع، ومن لوازمه رجوعه إلى ملكه، فإذا رجع عليه وأخذ منه يرجع هو بما دفع لبائعه من الثمن، وتسمع دعوى مالك المبيع على المشتري بغيبة بائعه لدعواه الملك لنفسه، فينتصب خصما للمدعي وهي واقعة الحال في مقايضة بهيم ببهيم وتقابضا وباع أحدهما ما في يده وسلم فاستحق من مشتريه، ولم أر فيها صريح النقل غير ما هنا، لكن مجرد الاستحقاق لا يوجب نقض البيع وفسخه كما مر بيانه ا ه ملخصا. وتمامه فيها.
خاتمة: لم أر من ذكر ما إذا ورد الاستحقاق بعد هلاك المبيع كموت الدابة مثلا وهي واقعة الفتوى، وقد أجبت بأن المستحق لا بد له من إقامة البينة على قيمتها يوم الشراء، فيضمن المشتري القيمة ويرجع على بائعه بالثمن لا بما ضمن، لان المشتري غاصب الغاصب، وقد صرحوا في الغصب بأن المشتري من الغاصب إذا ضمن القيمة يرجع على بائعه بالثمن، لان رد القيمة كرد العين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب السلم شروع فيما يشترط فيه قبض أحد العوضين أو قبضهما كالصرف، وقدم السلم عليه لأنه بمنزلة المفرد من المركب، وخص باسم السلم لتحقق إيجاب التسليم شرعا فيما صدق عليه: أعني تسليم رأس المال، وتمامه في النهر. قوله: (وشرعا) معطوف على قوله: لغة. قوله: (بيع آجل بعاجل) كذا عرفه في الفتح، واعترض على ما في السراج والعناية من أنه أخذ عاجل بآجل بأنه غير صحيح لصدقه على البيع بثمن مؤجل. وفي غاية البيان أنه تحريف من النساخ. وأجاب في البحر بأنه من باب القلب، والأصل أخذ آجل بعاجل.
قلت: وفيه أن القلب لا يسوغ لغير البلغاء لأجل نكتة بيانية كما صرحوا به ولا سيما في التعاريف، ويظهر لي الجواب بأنه ناظر إلى ابتدائه من جانب المسلم إليه: أي أخذ ثمن عاجل، ويؤيده كون السلم كالسلف مشعرا بالتقدم أولا، فالمناسب الابتداء بالعاجل وهو الثمن. ثم رأيت في النهر عن الحواشي السعدية ما يوافق ما قلنا حيث قال: يجوز أن يقال المراد أخذ ثمن عاجل بآجل بقرينة المعنى اللغوي، إذ الأصل هو عدم التغيير إلا أن يثبت بدليل ا ه. ويظهر لي أيضا أن الأولى في تعريفه أن يقال شراء آجل بعاجل، لان السلم اسم من الاسلام كما في القهستاني، ولا يخفى أن الاسلام صفة المسلم، فهو المنظور إليه أصالة ولذا سموه رب السلم: أي صاحبه، فالمناسب بناء التعريف على