قوله: (يقال بعتك الشئ) مثال للمعتدي بنفسه وترك مثال التعدي بمن. قوله: (وباع عليه القاضي) أفاد أنه يتعدى بعلى أيضا في مقام الاجبار والالزام. قوله: (مبادلة شئ) مصدر مضاف إلى مفعوله الأول والفاعل محذوف، والأصل أن يتبادل المتبايعان شيئا مرغوبا فيه بمثله، فشيئا مفعول أول وبمثله مفعول ثان بواسطة الحرف، فافهم. قوله: (مرغوب فيه) أي ما من شأنه أن ترغب إليه النفس وهو المال، ولذا احترز به الشارح عن التراب والميتة والدم فإنها ليست بمال، فرجع إلى قول الكنز والملتقى: مبادلة المال بالمال، ولذا فسر الشارح كلام الملتقى في شرحه بقوله: أي تمليك شئ مرغوب فيه بشئ مرغوب فيه، فقد تساوى التعريفان فافهم، نعم زاد في الكنز بالتراضي.
مطلب في بيع المكره والموقوف وأورد عليه أنه يخرج بيع المكره مع أنه منعقد، وأجاب في شرح النقاية بأن من ذكره أراد تعريف البيع النافذ، ومن تركه أراد الأعم، واعترضه في البحر بأن بيع المكره فاسد موقوف لا موقوف فقط كبيع الفضولي كما يفهم من كلام شارح النقاية.
قلت: لكن قدمنا أن الموقوف من قسم الصحيح، ومقتضاه أن بيع المكره كذلك، لكن صرحوا في كتاب الاكراه أنه يثبت به الملك عند القبض للفساد، فهو صريح في أنه فاسد وإن خالف بقية العقود الفاسدة في أربعة صور (1) سيذكرها المصنف هناك، وأفاد في المنار وشرحه أنه ينعقد فاسدا لعدم الرضا الذي هو شرط النفاذ، وأنه بالإجازة يصح ويزول الفساد، وبه علم أن الموقوف على الإجازة صحته، فصح كونه فاسدا موقوفا، وظهر أن الموقوف منه فاسد كبيع المكره، ومنه صحيح كبيع عبد أو صبي محجورين. وأمثلته كثيرة ستأتي في باب بيع الفضولي.
والحاصل أن الموقوف مطلقا بيع حقيقة، والفاسد بيع أيضا وإن توقف حكمه، وهو الملك على القبض، فلا يناسب ذكر التراضي في التعريف، ولذا قال في الفتح: إن التراضي ليس جزء مفهوم البيع الشرعي، بل شرط ثبوت حكمه شرعا ا ه: أي لأنه لو كان جزء مفهومه شرعا لزم أن يكون بيع المكره باطلا وليس كذلك، بل هو فاسد كما علمت، وأنت خبير بأن التعريف شامل للفاسد بسائر أنواعه كما ذكره في النهر لأنه بيع حقيقة، وإن توقف حكمه على القبض، فالتقييد بالتراضي لاخراج بعض الفاسد وهو بيع المكره غير مرضي، لأنه إذا كان المراد تعريف مطلق البيع يكون غير جامع لخروج هذا منه، وإن أريد تعريف البيع الصحيح فليس بمانع لدخول أكثر البياعات الفاسدة فيه.
ثم اعلم أن الخمر مال كما قدمناه عن الكشف والتلويح وإن كان غير متقوم مع أن بيعه باطل في حق المسلم، بخلاف البيع به فإنه فاسد، ومر الفرق، وأما ما في البحر عن المحيط من أنه غير مال فالظاهر أنه أراد بالمال المتقوم توفيقا بين كلامهم، وحينئذ فيرد على تعريف المصنف كالكنز، فافهم. ويرد على تعريف المصنف فقط الإجارة والنكاح. قال ط: فإن فيهما مبادلة مال مرغوب فيه بمرغوب فيه، ولا يخرجان بقوله على وجه مخصوص، لان المراد به الايجاب والقبول والتعاطي اه.