الاستحسان: يرجع لان العتق إنهاء الملك، لان الآدمي ما خلق في الأصل محلا للملك، وإنما ثبت الملك فيه مؤقتا إلى الاعتاق إنهاء كالموت، وهذا لان الشئ يتقرر بانتهائه فيجعل كأن الملك باق والرد متعذر، والتدبير والاستيلاد بمنزلته، لأنه تعذر النقل مع باء المحل بالامر الحكمي ا ه ح. قوله: (أو وقف) فإذا وقف المشتري الأرض ثم علم بالعيب رجع بالنقصان. وفي جعلها مسجدا اختلاف، والمختار الرجوع بالنقصان كما في جامع الفصولين. وفي البزازية: وعليه الفتوى، وما رجع به يسلم إليه، لان النقصان لم يدخل تحت الوقف ا ه نهر. قوله: (قبل علمه) ظرف لاعتقه وما بعده ا ه ح.
والحاصل أن هلاك المبيع ليس كإعتاقه، فإنه إذا هلك المبيع يرجع بنقصان العيب سواء كان بعد العلم به أو قبله، وأما الاعتاق بعد العلم به فمانع من الرجوع بنقصانه بخلافه قبله، وليس إعتاقه كاستهلاكه، فإنه إذا استهلكه فلا رجوع مطلقا، إلا في الاكل عندهما. بحر ط. قوله: (أو كان المبيع طعاما فأكله) احترز بالاكل عن استهلاكه بغيره، ففي الذخيرة: قال القدوري: ولو اشترى ثوبا أو طعاما وأحرق الثوب أو استهلك الطعام ثم اطلع على عيب لا يرجع بشئ بالنقصان بلا خلاف ا ه. وكذا لو باعه أو وهبه ثم اطلع على عيب لم يرجع إجماعا كما في السراج، لكن في بيع بعضه الخلاف الآتي، وأراد بالطعام المكيل والموزون كما يعلم في الذخيرة والخانية.
مطلب فيما لو أكل بعض الطعام قوله: (فأكله أو بعضه) أي ثم علم بالعيب كما في الهداية، وهذا يدل على أن الرجوع فيما إذا أطعمه عبده أو مديره أو أم ولده أو لبس الثوب حتى تخرق مقيد بما قبل العلم بالعيب، فلو أخر الشارح قوله: قبل علمه بعيبه عن قوله: أو لبس الثوب حتى تخرق ليكون قيدا في المسائل العشرة لكان أولى ح.
قلت: ويؤيده أنه في الفتح قال بعد هذه المسائل: وفي الكفاية كل تصرف يسقط خيار العيب إذا وجده في ملكه بعد العلم بالعيب فلا رد ولا أرش لأنه كالرضا به.
تنبيه: وقع في المنح: أو أكله بعد اطلاعه على العيب، وهو سبق قلم كما نبه عليه الرملي.
قوله: (أو أطعمه عبده أو مدبره أو أم ولده) إنما يرجع في هذه المسائل لان ملكه باق كما في البحر:
يعني أن العبد والمدبر وأم الولد إنما أكلوا الطعام على ملك السيد لأنهم لا يملكون، وإن ملكوا فكان ملكه باقيا في الطعام والرد متعذر كما قررناه في الاعتاق، بخلاف ما إذا أطعمه طفله وما عطف عليه مما سيأتي حيث لا يرجع، لان فيه حبس المبيع بالتمليك من هؤلاء فإنهم من أهل الملك ا ه ح. قوله:
(فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما) الذي في الهداية والعناية والفتح والتبيين: أن الاستحسان عدم الرجوع، وهو قول الإمام فليحرر ا ه ح.
قلت: ما ذكره الشارح من أن الاستحسان قولهما ذكره في الاختيار، وتبعه في البحر، وكذا نقله عنه العلامة قاسم، ونبه على أنه عكس ما في الهداية وسكت عليه، فلذا مشى عليه المصنف في متنه.
وذكر في الفتح عن الخلاصة أن عليه الفتوى، وبه أخذ الطحاوي، لكن قال في الفتح بعده: أن جعل الهداية قول الإمام استحسانا مع تأخيره. وجوابه عن دليلهما يفيد مخالفته في كون الفتوى على قولهما اه.