بالغزل فأتني بغزل أشتريه، فأتى رجل بغزل لهذا الغزال (1) ولم يعلم به المشتري، فجعل نفسه دلالا بينهما واشترى ذلك الغزل له بأزيد من ثمن المثل، وصرف المشتري بعضه إلى حاجته، ثم علم بالغبن وبما صنع، فله أن يرد الباقي بحصته من الثمن. قال رضي الله عنه: والصواب أن يرد الباقي ومثل ما صرف في حاجته، ويسترد جميع الثمن، كمن اشترى بيتا مملوءا من بر فإذا فيه دكان عظيم فله الرد وأخذ جميع الثمن قبل إنفاق شئ منه، وبعده يرد الباقي ومثل ما أنفق ويسترد الثمن، كذا ذكره أبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ا ه. قوله: (بقي ما لو كان قيميا) أي وتصرف ببعضه، فهل يرجع بقدر ما غبن فيه أو لا يرجع، أو يرد الباقي ويضمن قيمة ما تصرف به؟ ووجه التوقف أن ما ذكره في القنية مفروض في المثلي، لان الغزل مثلي كما هو صريح كلام القنية المذكور آنفا، وكذا صرح في الفصل الثالث والثلاثين من جامع الفصولين: بأنه مثلي، وفي التتارخانية عن المنتقى: ولا يصح بيع غزل قطن لين بغزل قطن خشن إلا مثلا بمثل، لان القطن سواء ا ه. فحيث كان المنقول هنا في المثلي لم يعلم حكم القيمي، فافهم.
ثم اعلم أن ما قدمناه عن المنح عن تحفة الفقهاء من أن المغبون إذا غر له الرد استدلالا بمسألة المرابحة يفيد أن خيار التغرير في حكم خيار الخيانة والمرابحة، وقد مر في المتن والشرح أنه لو هلك المبيع أو استهلكه في المرابحة قبل رده أو حدث به ما يمنع من الرد لزمه جميع الثمن المسمى، وسقط خياره، وذكرنا هناك أن مقتضى قوله: أو حدث به الخ، أنه لو هلك البعض أو استهلكه له رد الباقي إلا في نحو الثوب الواحد الخ، والظاهر أن هنا كذلك، فتأمل. قوله: (قلت وبالأخير، إلى قوله: وغيره) الأولى ذكر هذا عند قوله: وبه أفتى صدر الاسلام وغيره ا ه ح.
مطلب: الغرور لا يوجب الرجوع إلا في ثلاث مسائل قوله: (وفي كفالة الأشباه الخ) حيث قال: الغرور لا يوجب الرجوع، فلو قال: اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه فأخذه اللصوص، أو قال: كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله ومات لم يضمن، وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهر أنها مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر إلا في ثلاث مسائل. الأولى: إذا كان الغرور بالشرط، كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت فإنه يرجع على المخبر بما غرمه للمستحق من قيمة الولد. الثانية: أن يكون في ضمن عقد معاوضة، فيرجع المشتري على البائع من بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد ويرجع بقيمة البناء، لو بنى المشتري ثم استحقت الدار بعد أن يسلم البناء. وإذا قال الأب لأهل السوق: بايعوا ابني فقد أذنت له في التجارة فظهر أنه ابن غيره رجعوا عليه للغرور، وكذا لو قال: بايعوا عبدي فقد أذنت له فبايعوه ولحقه دين ثم ظهر أنه عبد لغيره رجعوا عليه إن كان الأب حرا وإلا فبعد العتق، وكذا لو