يكون المراد بالشهادة تحملها فيدخل فيه العبد والكافر. نعم يخرج عنه الصبي لعدم ولايته أصلا، وإن كان المراد من يصح منه القضاء يكون المراد بالشهادة أداءها فقط، فيدخل فيه الكافر المولى على أهل الذمة فإنه يصح قضاؤه عليهم حالا، وكونه قاضيا خاصا لا يضر، كما لا يضر تخصيص قاضي المسلمين بجماعة معينين، لان المراد من يصح قضاؤه في الجملة، وعلى كل فالواجب إسقاط ذلك القيد، إلا أن يكون مراده تعريف القاضي الكامل. قوله: (ليحكم بين أهل الذمة) أي حال كفره، وإلا فقد علمت أن الكافر يصح توليته مطلقا لكن لا يحكم إلا إذا أسلم.
مطلب في حكم القاضي الدرزي والنصراني تنبيه: ظهر من كلامهم حكم القاضي المنصوب في بلاد الدروز في القطر الشامي، ويكون درزيا ويكون نصرانيا فكل منهما لا يصح حكمه على المسلمين، فإن الدرزي لا ملة له كالمنافق والزنديق وإن سمى نفسه مسلما. وقد أفتى في الخيرية بأنه لا تقبل شهادته على المسلم. والظاهر أنه يصح حكم الدرزي على النصراني وبالعكس. تأمل. وهذا كله بعد كونه منصوبا من طرف السلطان أو مأموره بذلك، وإلا فالواقع أنه ينصبه أمير تلك الناحية، ولا أدري أنه مأذون له بذلك أم لا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لكن جرت العادة أن أمير صيدا يولي القضاء في تلك الثغور والبلاد، بخلاف دمشق ونحوها، فإن أميرها ليس له ذلك فيها بدليل أن لها قاضيا في كل سنة يأتي من طرف السلطان. ثم رأيت في الفتح قال: والذي له ولاية التقليد الخليفة والسلطان الذي نصبه الخليفة وأطلق له التصرف، وكذا الذي ولاه السلطان ناحية وجعل له خراجها وأطلق له التصرف، فإن له أن يولي ويعزل، كذا قالوا: ولا بد من أن يصرح له بالمنع أو يعلم بذلك بعرفهم، فإن نائب الشام وحلب في ديارنا يطلق لهم التصرف في الرعية والخراج ولا يولون القضاء ولا يعزلون ا ه. والله سبحانه أعلم. قوله: (وشرط أهليتها الخ) تكرار مع قوله: وأهله أهل الشهادة ا ه ح. والظاهر أن المصنف ذكر الجملة الأولى تبعا للكنز وغيره، ثم ذكر الثانية تبعا للغرر توضيحا وشرحا للأولى. وأما الجواب بأنه ذكرها ليرتب عليها قوله: والفاسق أهلها فغير مفيد، فافهم. قوله: (فلذا قيل الخ) علة للعلة. قوله: (والفاسق أهلها) سيأتي بيان الفسق والعدالة في الشهادات، وأفصح بهذه الجملة دفعا لتوهم من قال: إن الفاسق ليس بأهل للقضاء فلا يصح قضاؤه، لأنه لا يؤمن عليه لفسقه، وهو قول الثلاثة، واختاره الطحاوي. قال العيني: وينبغي أن يفتى به خصوصا في هذا الزمان ا ه.
أقول: لو اعتبر هذا لا نسد باب القضاء خصوصا في زماننا، فلذا كان ما جرى عليه المصنف هو الأصح كما في الخلاصة، وهو أصح الأقاويل كما في العمادية. نهر. وفي الفتح: والوجه تنفيذ قضاء كل من ولاه سلطان ذو شوكة وإن كان جاهلا فاسقا وهو ظاهر المذهب عندنا، وحينئذ فيحكم بفتوى غيره ا ه. قوله: (لكنه لا يقلد وجوبا الخ) قال في البحر: وفي غير موضع ذكر الأولوية: يعني الأولى أن لا تقبل شهادته وإن قبل جاز. وفي الفتح: ومقتضى الدليل أن لا يحل أن يقضي بها، فإن