مطلب في خيار التعيين قوله: (وصح خيار التعيين) أي بأن يقع البيع على واحد لا بعينه، بخلاف المسألة السابقة فليست من خيار التعيين لوقوع البيع فيها على العبدين، وأما قول الهداية هنا: ومن اشترى ثوبين فالمراد أحد الثوبين، كما نبه عليه في العناية وغيرها. وفي الفتح: المراد أن يشتري أحد ثوبين أو ثلاثة غير معين على أن يأخذ أيهما شاء على أنه بالخيار ثلاثة أيام (1) فيما يعينه بعد تعيينه المبيع، أما إذا قال: بعتك عبدا من هذين بمائة ولم يذكر قوله على أنك بالخيار في أيهما شئت لا يجوز اتفاقا، كقوله: بعتك عبدا من عبيدي، وإن اشترى أحد أربعة لا يجوز ا ه.
وقد استفيد من هذه العبارة أمور: الأول أن خيار التعيين إنما يكون البيع فيه على واحد من اثنين أو ثلاثة لا بعينه وهو ما قلناه. الثاني أنه لا يكون في واحد من أربعة كما يأتي. الثالث أنه لا بد أن يقول بعد قوله: بعتك أحد هذين العبدين على أنك بالخيار في أيهما شئت، أو على أن تأخذ أيهما شئت ليكون نصا في خيار التعيين. وقال في البحر: لأنه لو لم يذكر هذه الزيادة يكون فاسدا لجهالة المبيع، فإن قبضهما وماتا عنده ضمن نصف قيمة كل واحد منهما، وإن مات أحدهما قبل الآخر لزمه قيمة الآخر (2)، كذا في المحيط ا ه. الرابع أنه لا بد أيضا من ذكر خيار الشرط، بأن يقول على أنك بالخيار ثلاثة أيام: أي إذا عين واحدا منهما بحكم خيار التعيين يكون له فيه خيار الشرط، وهذا الرابع فيه خلاف يأتي. قوله: (لا في المثليات) أي التي من جنس واحد. بحر.
قوله: (ولو للبائع) صورته أن يقول المشتري اشتريت منك أحد هذين الثوبين على أن تعطيني أحدهما. نهر، فله أن يلزم المشتري أيهما شاء، إلا إذا تعيب أحدهما فليس له أن يلزمه المعيب إلا برضاه، فإذا ألزمه إياه ولم يرض به ليس له أن يلزمه الآخر بعد ذلك، ولو هلك أحدهما في يده كان له أن يلزمه الباقي، وأما إذا كان الخيار للمشتري، فالمبيع لازم في أحدهما، إلا أن يكون معه خيار شرط والمبيع مضمون بالثمن وغيره أمانة، فإذا هلك أحدهما تعين هو مبيعا والآخر أمانة، ولو هلكا معا ضمن نصف كل، ولو اختلفا في الهالك أولا فالقول للمشتري بيمينه وبينة البائع أولى، ولو تعيبا معه فالخيار بحاله، ولو متعاقبا نعين الأول مبيعا، ولو باعهما المشتري ثم اختار، أحدهما صح بيعه فيه، وتمامه في البحر. قوله: (لأنه قد يرث الخ) جواب من صاحب البحر عما أورده في الفتح من أن جواز خيار التعيين للحاجة إلى اختيار ما هو الأوفق والرفق. فيختص بالمشتري، لأن المبيع كان مع البائع قبل البيع، وهو أدرى بما لاءمه منه ا ه. واعترض الحموي الجواب، بأن ما ذكره من صورة الإرث صورة نادرة والاحكام لا تناط بنادر.