انعزاله بالفسق، وتقدم أن المذهب أنه لا ينعزل بل يستحق العزل. قوله: (وفيه) لم يذكر ذلك في المنح فيعود الضمير إلى السراج، قوله: (وشهادته) أي إذا أراد أن يشهد شهادة عند القاضي المولى لا يقبلها لفسقه بغلبة الجوز والرشوة، فافهم. قوله: (القضاء مظهر لا مثبت) لان الحق المحكوم به كان ثابتا والقضاء أظهره، والمراد ما كان ثابتا ولو تقديرا كالقضاء بشهادة الزور كما مر بيانه في تعريف القضاء عن ابن الغرس.
مطلب: القضاء يقبل التقييد والتعليق قوله: (ويتخصص بزمان ومكان وخصومة) عزاه في الأشباه إلى الخلاصة. وقال في الفتح من أول كتاب الفضاء: الولاية تقبل التقييد والتعليق بالشرط كقوله: إذا وصلت إلى بلدة كذا فأنت قاضيها، وإذا وصلت إلى مكة فأنت أمير الموسم. والإضافة: كجعلتك قاضيا في رأس الشهر، والاستثناء منها: كجعلتك قاضيا إلا في قضية فلان ولا تنظر في قضية كذا، والدليل على جواز تعليق الامارة وإضافتها قوله (ص) حين بعث البعث إلى مؤتة وأمر عليهم زيد بن حارثة إن قتل زيد بن حارثة فجعفر أميركم، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة وهذه القصة مما اتفق عليها جميع أهل السير والمغازي ا ه.
مطلب في عدم سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة قوله: (بعد خمسة عشر سنة) المناسب خمس عشرة بتذكير الأول وتأنيث الثاني، لكون المعدود مؤنثا وهو سنة، وأجاب ط بأنه على تأويل السنة بالعام أو الحول. قوله: (فلا تسمع الآن بعدها) أي لنهي السلطان عن سماعها بعدها، فقد قال السيد الحموي حاشية الأشباه: أخبرني أستاذي شيخ الاسلام يحيى أفندي الشهير بالمنقاري أن السلاطين الآن يأمرون قضاتهم في جميع ولاتهم أن لا يسمعوا دعوى بعد مضي خمس عشرة سنة سوى الوقف والإرث ا ه. ونقل في الحامدية فتاوى من المذاهب الأربعة بعدم سماعها بعد النهي المذكور.
مطلب: هل يبقى النهي بعد موت السلطان لكن هل يبقى النهي بعد موت السلطان الذي نهى، بحيث لا يحتاج من بعده إلى نهي جديد؟
أفتى في الخيرية بأنه لا بد من تجديد النهي، ولا يستمر النهي بعده، وبأنه إذا اختلف الخصمان في أنه منهي أو غير منهي فالقول للقاضي ما لم يثبت المحكوم عليه النهي، وأطال في ذلك وأطاب فراجعه.
وأما ما ذكره السيد الحموي أيضا من أنه قد علم من عادتهم: يعني سلاطين ال عثمان نصرهم الرحمن، من أنه إذا تولى سلطان عرض عليه قانون من قبله وأخذ أمره باتباعه فلا يفيد هنا، لان معناه، أن يلتزم قانون أسلافه بأن يأمر بما أمروا به وينهي عما نهوا عنه، ولا يلزم منه أنه إذا ولى قاضيا ولم ينهه عن سماع هذه الدعوى أن يصير قاضيه منهيا بمجرد ذلك، وإنما يلزم منه أنه إذا ولاه ينهاه صريحا ليكون عاملا بما التزمه من القانون، كما اشتهر أنه حين يوليه الآن يأمره في منشوره