أنه إذا فسد البيع وجب الفسخ ورد جميع الثمن، وإذا صح وجب جميع الثمن فلا وجه لرد الزائد وأخذ ما ورد به الامر فقط سواء قلنا بصحة البيع أو فساده، فتعين أن هذا المفهوم غير مراد. فتأمل. قوله:
(لكن يظهر الخ) لا وجه للاستدراك بعد ورود الامر الواجب الاتباع بعد الرجوع ط. وقد يجاب بأن المراد أن المناسب أن يرد الامر السلطاني بالرجوع: أي وإن أخذ ما أخذه بالتراضي لكن علمت ما فيه.
قوله: (وأقبح من ذلك السلم الخ) أي أقبح من بيع المعاملة المذكور ما يفعله بعض الناس من دفع دراهم سلما على حنطة أو نحوها إلى أهل القرى بحيث يؤدي ذلك إلى خراب القرية، لأنه يجعل الثمن قليلا جدا فيكون إضراره أكثر من إضرار البيع بالمعاملة الزائدة عن الامر السلطاني، فيظهر أن المناسب أيضا ورود أمر سلطاني بذلك ليعزر من يخالفه، وظاهره أنه لم يرد بذلك أمر، والله سبحانه أعلم.
باب الربا لما فرغ من المرابحة وما يتبعها من التصرف في المبيع ونحو ذلك من القرض وغيره ذكر الربا، لان في كل منهم زيادة، إلا أن تلك الزيادة حلال وهذه حرام، والحل هو الأصل في الأشباه. والربا بكسر الراء، وفتحها خطأ مقصور على الأشهر، ويثنى ربوان بالواو على الأصل، وقد يقال: ربيان على التخفيف كما في المصباح، والنسب إليه ربوي بالكسر، والفتح خطأ كما في المغرب. قوله: (ولو حكما الخ) تبع فيه النهر، لكنه لا يناسب تعريف المصنف فإنه قيده بكونه بمعيار شرعي، وهذا لا يدخل فيه ربا النسيئة ولا البيع الفاسد، إلا إذا كان فساده لعلة الربا، فالظاهر من كلام المصنف تعريف ربا الفضل، لأنه هو المتبادر عند الاطلاق، ولذا قال في البحر: فضل أحد المتجانسين، نعم هذا يناسب تعريف الكنز بقوله: فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال ا ه. فإن الاجل في أحد العوضين فضل حكمي بلا عوض، ولما كان الاجل يقصد له زيادة العوض كما مر في المرابحة صح وصفه بكونه فضل مال حكما تأمل.
قال في الشرنبلالية: ومن شرائط الربا عصمة البدلين، وكونهما مضمونين بالاتلاف فعصمة أحدهما وعدم تقومه لا يمنع، فشراء الأسير أو التاجر مال الحربي أو المسلم الذي لم يهاجر بجنسه متفضلا جائز، ومنها أن لا يكون البدلان مملوكين لاحد المتبايعين كالسيد مع عبده، ولا مشتركين فيهما بشركة عنان أو مفاوضة كما في البدائع ا ه. وسيأتي بيان هذه المسائل آخر الباب. قوله:
(والبيوع الفاسدة الخ) تبع فيه البحر عن البناية، وفيه نظر، فإن كثيرا من البيوع الفاسدة ليس فيه فضل خال عن عوض كبيع ما سكت فيه عن الثمن، وبيع عرض بخمر أو بأم ولد فتجب القيمة ويملك بالقبض، وكذا بيع جذع من سقف وذراع من ثوب يضره التبعيض، وثوب من ثوبين، والبيع إلى النيروز ونحو ذلك، مما سبب الفساد فيه الجهالة، أو الضرر أو نحو ذلك نعم يظهر ذلك في الفساد بسبب شرط فيه نفع لاحد المتعاقدين مما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه، ويؤيد ذلك ما في الزيلعي قبيل باب الصرف في بحث ما يبطل بالشرط الفاسد حيث قال: والأصل فيه أن كل ما كان مبادلة مال بمال يبطل بالشروط الفاسدة لا ما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات، لان الشروط