باللغة العربية وكونه حاويا لكتاب الله تعالى فيما يتعلق بالأحكام، وعالما بالحديث متنا وسندا وناسخا ومنسوخا، وبالقياس. وهذه الشرائط في المجتهد المطلق الذي يفتى في جميع الأحكام. وأما المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلق بذلك الحكم، مثلا كالاجتهاد في حكم متعلق بالصلاة لا يتوقف على معرفة جميع ما يتعلق بالنكاح ا ه. ومراد المصنف هنا الاجتهاد بالمعنى الأول.
نهر. قوله: (لتعذره) أي لأنه متعذر الوجود في كل زمن وفي كل بلد، فكان شرط الأولوية بمعنى أنه إن وجد فهو الأولى بالتولية، فافهم. قوله: (على أنه) متعلق بمحذوف: أي قلنا بالتعذر في كل زمن بناء على أنه الخ. قوله: (عند الأكثر) خلافا لما قيل إنه لا يخلو عنه زمن، وتمام ذلك في كتب الأصول. قوله: (فصح تولية العامي) الأولى في التفريع أن يقال: فصح تولية المقلد لأنه مقابل المجتهد، ثم إن المقلد يشمل العامي ومن له تأهل في العلم والفهم، وعين ابن الغرس الثاني قال:
وأقله أن يحسن بعض الحوادث والمسائل الدقيقة، وأن يعرف طريق تحصيل الأحكام الشرعية من كتب المذهب، وصدور المشايخ وكيفية الايراد، والإصدار في الوقائع والدعاوي والحجج، ونازعه في النهر ورجح أن المراد الجاهل لتعليلهم بقولهم لان إيصال الحق إلى مستحقه يحصل بالعمل بفتوى غيره.
قال في الحواشي اليعقوبية: إذ المحتاج إلى فتوى غيره هو من لا يقدر على أخذ المسائل من كتب الفقه وضبط أقوال الفقهاء ا ه. ونحوه في البحر عن العناية، وكذا رجحه ابن الكمال.
قلت: وفيه للبحث مجال، فإن المفتي عند الأصوليين هو المجتهد كما يأتي، فيصير المعنى أنه لا يشترط في القاضي أن يكون مجتهدا لأنه يكفيه العمل باجتهاد غيره، ولا يلزم من هذا أن يكون عاميا، لكن قد يقال: إن الاجتهاد كما تعذر في القاضي تعذر في المفتي الآن، فإذا احتاج إلى السؤال عمن ينقل الحكم من الكتب يلزم أن يكون غير قادر على ذلك. تأمل. قوله: (المفتي يفتي بالديانة ) مثلا إذا قال رجل: قلت لزوجتي أنت طالق قاصدا بذلك الاخبار كاذبا، فإن المفتي يفتيه بعدم الوقوع، والقاضي يحكم عليه الوقوع لأنه يحكم بالظاهر، فإذا كان القاضي يحكم بالفتوى يلزم بطلان حكمه في مثل ذلك، فدل على أنه لا يمكنه القضاء بالفتوى في كل حادثة، وفيه نظر، فإن القاضي إذا سأل المفتي عن هذه الحادثة لا يفتيه بعدم الوقوع لأنه إنما سأله عما يحكم به، بلا بد أن يبين له حكم القضاء، فعلم أن ما في البزازية لا ينافي قولهم: يحكم بفتوى غيره. قوله: (في الدماء والفروج) أي وفي الأموال، لكن خصهما بالذكر لأنه لا يمكن فيهما الاستباحة بوجه، بخلاف المال، ولقصد التهويل فإن الحاكم الذي مجرى أحكامه في ذلك لا بد أن يكون عالما دينا. قوله:
(كالكبريت الأحمر) معدن عزيز الوجود، والجار والمجرور متعلق بمحذوف على أنه حال أو خبر لمبتدأ محذوف. قوله: (وأين العلم) عبارة البزازية: وأين الدين والعلم.
مطلب: طريق التنقل عن المجتهد قوله: (بل هو نقل كلام) وطريق نقله لذلك عن المجتهد أحد أمرين: إما أن يكون له سند