باب الاستحقاق ذكره بعد الحقوق للمناسبة بينهما لفظا ومعنى، ولولا هذا لكان ذكره عقب الصرف أولى. نهر.
قوله: (هو طلب الحق) أفاد أن السين والتاء للطلب، لكن في المصباح: استحق فلان الامر: استوجبه قاله الفارابي وجماعة، فالامر مستحق بالفتح اسم مفعول، ومنه خرج المبيع مستحقا ا ه فأشار إلى أن معناه الشرعي موافق للغوي، وهو كون المراد بالاستحقاق ظهور كون الشئ حقا واجبا للغير. قوله:
(بالكلية) أي بحيث لا يبقى لاحد عليه حق التمليك. منح ودرر. والمراد بالأحد أحد الباعة مثلا لا المدعي، فإن له حق التمليك في المدبر والمكاتب والاستحقاق فيهما من المبطل كما ذكره بعد ط.
قوله: (والناقل لا يوجب فسخ العقد) بل يوجب توقفه على إجازة المستحق، كذا في النهاية وتبعه الجماعة. واعترضه شارح بأن غايته أن يكون بيع فضولي، وفيه إذا وجد عدم الرضا ينفسخ العقد، وإثبات الاستحقاق دليل عدم الرضا، والمفسوخ لا تلحقه إجازة قال في الفتح: وما في النهاية هو المنصور، وقوله إثبات الاستحقاق، دليل عدم الرضا: أي بالبيع ليس بلازم لجواز أن يكون دليل عدم الرضا بأن يذهب من يده مجانا، وذلك لأنه لو لم يدع الاستحقاق ويثبته استمر في يد المشتري من غير أن يحصل له عينه ولا بد له، فإثباته ليحصل أحدهما: إما العين، أو البدل بأن يجيز ذلك البيع.
ثم اعلم أنه اختلف في البيع متى ينفسخ فقيل إذا قبض المستحق، وقيل بنفس القضاء، والصحيح أنه لا ينفسخ ما لم يرجع المشتري على بائعه بالثمن، حتى لو أجاز المستحق بعدما قضى له أو بعدما قبضه قبل أن يرجع المشتري على بائعه يصح وقال الحلواني: الصحيح من مذهب أصحابنا أن القضاء للمستحق لا يكون فسخا للبياعات ما لم يرجع كل على بائعه بالقضاء، وفي الزيادات: روي عن الامام أنه لا ينقض ما لم يأخذ العين بحكم القضاء. وفي ظاهر الرواية: لا ينفسخ ما لم يفسخ وهو الأصل ا ه. ومعنى هذا أن يتراضيا على الفسخ، لأنه ذكر فيها أيضا أنه ليس للمشتري الفسخ بلا قضاء أو رضا البائع، لأنه احتمال إقامة البائع البينة على النتاج ثابت إلا إذا قضى القاضي فيلزم فينفسخ، وتمامه في الفتح. فقد اختلف التصحيح فيما ينفسخ به العقد، ويأتي قريبا عن الهداية أنه لا ينتقض في ظاهر الرواية ما لم يقض على البائع بالثمن، ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن المقصود أنه لا ينتقض بمجرد القضاء بالاستحقاق، بل يبقى العقد موقوفا بعده على إجازة المستحق، أو فسخه على الصحيح، فإذا فسخه صريحا فلا شك فيه، وكذا لو رجع المشتري على بائعه بالثمن وسلمه إليه، لأنه رضي بالفسخ، وكذا لو طلب المشتري من القاضي أنه يحكم على البائع بدفع الثمن، فحكم له بذلك أو تراضيا على الفسخ، ففي ذلك كله ينفسخ العقد، فليس المراد من هذه العبارات حصر الفسخ بواحد من هذه الصور، بل أيها وجد بعد الحكم بالاستحقاق انفسخ العقد، هذا ما ظهر لي في هذا المقام. بقي شئ: وهو أنه يثبت للبائع الرجوع على بائعه بالثمن، وإن كان قد دفع الثمن إلى المشتري بلا إلزام القاضي إياه، وهذا مذهب محمد وعليه الفتوى، خلافا لأبي يوسف كما في الحامدية ونور