فالقول بمنع المشكل مخالف القولين، وقياسه على المشكل في مسألة السفل غير صحيح، لان المتون الموضوعة لنقل المذهب ماشية على منع التصرف فيها عكس مسألتنا. وذكر بعض المشايخ أن المختار تقييد المنع بالمضر أو المشكل، وما ذاك إلا لكونه تصرفا فيما للجار فيه حق وهو صاحب العلو فالأصل فيه عد جواز التصرف إلا بإذنه، بخلاف مسألتنا فإن الأصل فيها الجواز لكونه تصرفا في خالص حقه، فإلحاق المشكل فيها بالمشكل في الأولى غير صحيح، فافهم.
وهذا آخر ما حرره المؤلف بخطه من هذا الجزء، وأما بقية الأجزاء فتممها بنفسه قبل حلول رمسه، فبادر نجله السعيد السيد محمد علاء الدين إلى تكملة الجزء المذكور بتجريد الهوامش التي بخط والده وغيرها على الشرح فقال:
(بسم الله الرحمن الرحيم) بالميل لبابك يجبر ثلم القلوب، وبالترقب لهبوب نسمات منحك يضرب على صفحات ثقب الغيوب، يا من بصر بعظيم قدرته العباد وقهرهم بها فلا يكون إلا ما أراد، فنحمده بالحمد اللائق، ونشكره على آلائه بالشكر الفائق، ونصلي ونسلم على رسوله محمد المكمل لامته، وعلى آله وصحبه ومن لهج بدعوته.
وبعد، فإن العالم العامل والعلامة الكامل، وحيد الدهر، وفريد العصر، سيد الزمان، وسعد الاقران، يعسوب العلماء العاملين، ومرجع الجهابذة الفاضلين، ومؤلف هذه الحاشية المرحوم سيدي وأستاذي ووالدي السيد محمد أفندي عابدين، سقى الله ثراه صوب الغفران، وجمعنا وإياه في مستقر رحمته، وأسكننا بحبوحة جنته، لما وصل إلى هذا المحل من الكتاب اشتاق إلى مشاهدة رب الأرباب، فنزل حياض المنون، وآثر الجدث الذي ليس بمسكون. وكان رحمه الله بدأ أولا في التأليف من الإجارة إلى الآخر، ثم من أول الكتاب إلى انتهاء هذا التحرير الفاخر وترك على نسخته الدر بعض تعليقات وتحريرات واعتراضات قد كاد تداول الأيدي أن يذهبها لعدم من يذهبها مذهبها فأردت أن أجرد ما كتبه والدي على نسخته وألحه بمسودته من غير زيادة عليه خوف الغلط ونسبته إليه وإن رأيت حاشية ليست من خطه أنبه عليها بقولي كذا أو ذكر أو في أو قاله في الهامش لعلمي بأنه أقرها وإلا شطبت عليها، ومع هذا يلزم التنبيه كما ترى، والله يعلم ويرى، ومنه أطلب الإعانة والتوفيق لأقوم طريق.
قال رحمه الله تعالى ونفعنا به ورضي عنه آمين. قوله: (ادعى على آخر الخ) قال قاضيخان: ادعى على رجل أنه أخذ منه مالا وبين المال ووصفه وأقام المدعى عليه البينة على إقرار المدعي أنه أخذ فلان آخر هذا المال المسمى فأنكر المدعي ذلك لم تقبل منه هذه البينة ولا يكون ذلك إبطالا لدعوى الأول، لان من حجة الأول أن يقول أخذه مني فلان آخر ثم رده علي وأخذه مني هذا المدعى عليه بعد ذلك ا ه. كذا في الهامش. قوله: (ومفاده) أي مفاد قوله: أو لم يقل ذلك ح. قوله: (بإمكان التوفيق)