مطلب: يستعمل المثنى في الواحد قوله: (تحريا للجواز) إذ الظاهر قصدهما الوجه المصحح، لأن العقد لا يفيد تمام مقصودهما إلا بالصحة فكان هذا الاعتبار عملا بالظاهر. والظاهر يجب العمل به إلا إذا صرح بخلافه كما يأتي، وقوله: خذ هذا من ثمنهما لا يخالفه لان المثنى استعمل في الواحد أيضا كما في قوله تعالى * (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) * (الرحمن: 22) وقوله تعالى: * (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) * (الانعام: 031) والرسل من الانس، وقوله تعالى: * (نسيا حوتهما) * (الكهف: 16) وقوله (ص) إذا سافرتما فأذنا وأقيما وتمامه في الفتح. قال في البحر: ونظيره في الفقه إذا حضتما حيضة أو ولدتما ولدا علق بإحداهما للاستحالة، بخلاف ما إذا لم يذكر المفعول به للامكان. قوله: (لأنه اسم للحلية أيضا الخ) عبارات الزيلعي لأنهما شئ واحد ا ه. وبه يظهر أنه في مسألة الجارية المطوقة لو قال خذ هذا من ثمن الجارية يفسد البيع، وبه صرح في النهر. قوله: (ولو زاد خاصة فسد البيع) أي بأن قال هذا المعجل حصة السيف خاصة. وعبارة المبسوط: انتقض البيع في الحلية، وظاهره أنه يصح في السيف دون الحلية. وعليه فكان المناسب أن يقول: فسد الصرف، لكن هذا محمول على ما إذا كانت الحلية تتميز بلا ضرر لامكان التسليم، وبهذا الحمل وفق الزيلعي بين ما في المبسوط وبين ما في المحيط من أنه لو قال هذا من ثمن النصل خاصة: فإن لم يمكن التمييز إلا بضرر يكون المنقود ثمن الصرف ويصحان جميعا لأنه قصد صحة البيع ولا صحة له إلا بصرف المنقود إلى الصرف فحكمنا بجوازه تصحيحا للبيع، وإن أمكن تمييزها بلا ضرر بطل الصرف ا ه. ولا يخفى حسن هذا التوفيق لأنه إذا صح البيع والصرف مع ذكر النصل بجعل المنقود ثمنا للحلية التي لا يمكن تمييزها إلا بضرر يلزم أن يصح مع ذكر السيف بالأولى، إذ لا شك أن لفظ النصل أخص من لفظ السيف، لان السيف يطلق على النصل والحلية، وبه اندفع ما في البحر. نعم في كلام الزيلعي نظر من وجه آخر بيناه فيما علقناه على البحر.
تنبيه: بقي ما لو قال نصفه من ثمن الحلية ونصفه من ثمن السيف فالمقبوض من ثمن الحلية كما في الزيلعي والظاهر حمله على ما إذا لم يمكن تمييز بلا ضرر، فلو أمكن فسد الصرف في نصف الحلية، يدل عليه ما في كافي الحاكم: ولو باع قلب فضة فيه عشرة وثوبا بعشرين درهما فنقده عشرة وقال نصفها من ثمن القلب ونصفها من ثمن الثوب ثم تفرقا وقد قبض القلب والثوب انتقض البيع في نصف القلب. وأما في السيف إذا سمى فقال نصفها من ثمن الحلية ونصفها من ثمن نصل السيف ثم تفرقا لم يفسد البيع ا ه تأمل. وانظر ما علقناه على البحر. قوله: (وصح في السيف) لعدم اشتراط قبض ثمنه في المجلس. نهر. قوله: (كطوق الجارية) الأولى كالجارية المطوقة، لأنه إذا تخلص السيف عن حليته بلا ضرر يقدر على تسليمه فيصير كبيع الجارية مع طوقها. قوله (بطل أصلا) أي بطل بيع الحلية والسيف لتعذر تسليم السيف بلا ضرر كبيع جذع من سقف. نهر.
مطلب في بيع المموه تتمة: قال في كافي الحاكم: وإذا اشترى لجاما مموها بفضة بدراهم أقل مما فيه أو أكثر فهو جائز