ووجه الأقربية ما في الفتح من قوله: لأنه إقرار ببراءة ابتداؤها من الكفيل المخاطب.
وحاصله إثبات البراءة منه على الخصوص مثل قمت وقعدت، والبراءة الكائنة منه خاصة كالإيفاء (1) بخلاف البراءة بالابراء فإنها لا تتحقق بفعل الكفيل بل بفعل الطالب فلا تكون حينئذ مضافه إلى الكفيل، وما قاله محمد: أي من أنه لا يثبت القبض بالشك إنما يتم إذا كان الاحتمالان متساويين ا ه. وهذا أيضا ترجيح منه لقول أبي يوسف. قوله: (لو كتبه في الصك) بأن كتب برئ الكفيل من الدراهم التي كفل بها. بحر. قوله: (عملا بالعرف) فإن العرف بين الناس أن الصك يكتب على الطالب بالبراءة إذا حصلت بالايفاء، وإن حصلت بالابراء لا يكتب الصك عليه فجعلت إقرارا بالقبض عرفا ولا عرف عند الابراء. فتح. قوله: (وهذا كله الخ) عزاه في فتح القدير إلى شروح الجامع الصغير، وجزم به في الملتقى والدرر، وأقره الشرنبلالي وكذا الزيلعي وابن كمال، فتعبير البحر عنه بقبل غير ظاهر فافهم، والإشارة إلى جميع الألفاظ المارة. قال في البحر عن النهاية: حتى في برئت إلي لاحتمال لأني أبرأتك مجازا وإن كان بعيدا في الاستعمال ا ه. قال في النهر: والظاهر أن في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه مسامحة لا أنه أخذ منه شيئا ا ه.
قلت: وفيه نظر يظهر بأدنى نظر. قوله: (لمراده) متعلق بالبيان: أي يسأل: هل أردت القبض أو لا؟ قوله: (لأنه المجمل) بكسر ثالثه اسم فاعل: أي فإن الأصل في الاجمال أن يرجع فيه إلى المجمل، والمراد بالمجمل هنا ما يحتاج إلى تأمل، ويحتمل المجاز وإن كان بعيدا لا حقيقة المجمل: يعني يرجع إليه إذا كان حاضرا لإزالة الاحتمالات، خصوصا إن كان العرف في ذلك اللفظ مشتركا: منهم من يقصد القبض، ومنهم من يقصد الابراء. فتح. قوله: (ومثل الكفالة الحوالة) في كافي الحاكم والمحتال عليه في جميع ذلك كالكفيل ا ه.
قال ط: فإن قال المحال للمحتال عليه برئت إلي رجع المحتال عليه على المحيل، وإن قال أبرأتك لا. واختلف فيما إذا قال برئت فقط ا ه. وإنما يرجع إذا لم يكن للمحيل دين على المحتال عليه.
مطلب في بطلان تعليق البراءة من الكفالة بالشرط قوله: (وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط) أي لما فيه من معنى التمليك، ويروى أنه يصح لأنه عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطلاق. هداية. وظاهره ترجيح عدم بطلانه بناء على الصحيح. بحر. قلت: ولذا قال في متن الملتقى: والمختار الصحة.
واعلم أن إضافته تعليق إلى البراءة من إضافة الصفة إلى موصوفها، والمعنى: وبطلت البراءة المعلقة بالشرط، وإذا بطلت البراءة من الكفالة تبقى الكفالة على أصلها، فللطالب مطالبة الكفيل بدليل التعليل، فليس المراد بطلان تعليق البراءة لأنه يلزم منه بقاء البراءة صحيحة منجزة وتبطل الكفالة بها، ولا يناسبه العلة المذكورة لان نفس التعليق ليس فيه معنى التمليك، بل الذي فيه معنى التمليك هو