رجعية والزوج يرى أنها بائنة أو ثلاث فإنه يتبع رأي القاضي عند محمد، فيحل له المقام معها، وقيل إنه قول أبي حنيفة، وعلى قول أبي يوسف لا يحل، وإن رفع إلى قاض آخر لا ينقضه، وإن كان خلاف رأيه، وهذا إذا قضى له، فإن قضى عليه بالبينونة أو الثلاث والزوج لا يراه يتبع رأي القاضي إجماعا، وهذا كله إذا كان الزوج له رأي واجتهاد، فلو عاميا اتبع رأي القاضي، سواء قضى له أو عليه، هذا إذا قضى، أما إذا أفتى له فهو على الاختلاف السابق، لان قول المفتي في حق الجاهل بمنزلة رأيه واجتهاده ا ه بحر.
قلت: وقوله فلو عاميا المراد به غير المجتهد بدليل المقابلة فيشمل العالم والجاهل. تأمل. قال في الفتح: والوجه عندي قول محمد، لان اتصال القضاء بالاجتهاد الكائن للقاضي يرجحه على اجتهاد الزوج، والاخذ بالراجح متعين، وكونه لا يراه حلالا إنما يمنع من القربان قبل القضاء، أما بعده وبعد نفاذه باطنا فلا ا ه.
مطلب في قضاء القاضي بغير مذهبه قوله: (قضى في مجتهد فيه) أي في أمر يسوغ الاجتهاد فيه بأن لم يكن مخالفا لدليل كما مر بيانه، وقوله: بخلاف رأيه متعلق بقضى. وحاصل هذه المسألة أنه يشترط لصحة القضاء أن يكون موافقا لرأيه: أي لمذهبه مجتهدا كان أو مقلدا، فلو قضى بخلافه لا ينفذ. لكن في البدائع أنه إذا كان مجتهدا ينبغي أن يصح ويحمل على أنه اجتهد فأداه اجتهاده إلى مذهب الغير، ويؤيده ما قدمناه عن رسالة العلامة قاسم مستدلا بما في السير الكبير فراجعه، وبه يندفع تعجب صاحب البحر من صاحب البدائع.
وأعلم أن هذه المسألة غير مسألة اشتراط كون القاضي عالما بالخلاف كما نبهنا عليه سابقا.
مطلب: حكم الحنفي بمذهب أبي يوسف أو محمد حكم بمذهبه قوله: (أي مذهبه) أي أصل المذهب كالحنفي إذا حكم على مذهب الشافعي أو نحوه أو بالعكس، وأما إذا حكم الحنفي بمذهب أبي يوسف أو محمد أو نحوهما من أصحاب الإمام فليس حكما بخلاف رأيه. درر: أي لان أصحاب الإمام ما قالوا بقول إلا قد قال به الامام، كما أوضحت ذلك في شرح منظومتي في رسم المفتي عند قولي فيها:
واعلم بأن عن أبي حنيفة * جاءت روايات غدت منيفه اختار منها بعضها والباقي * يختار منه سائر الرفاق فلم يكن لغيره جواب * كما عليه أقسم الأصحاب قوله: (وابن كمال) قال في شرحه: لم يقل بخلاف رأيه لايهامه أن يكون الكلام في المجتهد خاصة، وليس كذلك. قوله: (لا ينفذ مطلقا الخ) قال في الفتح: لو قضى في المجتهد فيه ناسيا لمذهبه مخالفا لرأيه نفذ عند أبي حنيفة رواية واحدة، وإن كان عامدا ففيه روايتان، وعندهما لا ينفذ في الوجهين: أي وجهي النسيان والعمد، والفتوى على قولهما. وذكر في الفتاوي الصغرى أن الفتوى على قوله، فقد اختلف في الفتوى، والوجه في هذا الزمان أن يفتى بقولهما، لان التارك لمذهبه عمدا لا يفعله إلا لهوى باطل لا لقصد جميل، وأما الناسي فلان المقلد ما قلده إلا ليحكم بمذهبه لا بمذهب