قوله: (على الاطلاق) أي سواء كان معه أحد أصحابه أو انفرد، لكن سيأتي قبيل الفصل أن الفتوى على قول أبي يوسف فيما يتعلق بالقضاء لزيادة تجربته. قوله: (وهو الأصح) مقابله ما يأتي عن الحاوي وما في جامع الفصولين من أنه لو معه أحد صاحبيه أخذ بقوله: وإن خالفاه. قيل كذلك، وقيل يخير إلا فيما كان الاختلاف بحسب تغير الزمان كالحكم بظاهر العدالة وفيما أجمع المتأخرون عليه كالمزارعة والمعاملة فيختار قولهما. قوله: (وعبارة النهر الخ) أي لإفادة أن رتبة الحسن بعد زفر، بخلاف عبارة المصنف فإن عطفه بالواو يفيد أنهما في رتبة واحدة، وعبارة المصنف هي المشهورة في الكتب. قوله:
(وصحح في الحاوي) أي الحاوي القدسي، وهذا فيما إذا خالف الصاحبان الامام، والمراد بقوة المدرك: قوة الدليل، أطلق عليه المدرك لأنه محل إدراك الحكم لان الحكم يؤخذ منه. قوله: (والأول أضبط) لان ما في الحاوي خاص فيمن له اطلاع على الكتاب والسنة وصار له ملكة النظر في الأدلة واستنباط الاحكام منها، وذلك هو المجتهد المطلق أو المقيد، بخلاف الأول فإنه يمكن لمن هو دون ذلك. قوله: (ولا يخير إلا إذا كان مجتهدا) أي لا يجوز له مخالفة الترتيب المذكور إلا إذا كان له ملكة يقتدر بها على الاطلاع على قوة المدرك، وبهذا رجع القول الأول إلى ما في الحاوي من أن العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك. نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنه الحاوي، فقد اتفق القولان على أن الأصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح، لا يلزمه الاخذ بقول الامام على الاطلاق، بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله، ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو أفتوا في حياتهم كما حققه الشارح في أول الكتاب نقلا عن العلامة قاسم، ويأتي قريبا عن الملتقط أنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم، فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه.
وفي فتاوي ابن الشلبي: لا يعدل عن قول الإمام إلا إذا صرح أحد من المشايخ بأن الفتوى على قول غيره، وبهذا سقط ما بحثه في البحر من أن علينا الافتاء بقول الامام وإن أفتى المشايخ بخلافه، وقد اعترضه محشيه الخير الرملي بما معناه: أن المفتي حقيقة هو المجتهد، وأما غيره فناقل لقول المجتهد، فكيف يجب علينا الافتاء بقول الامام وإن أفتى المشايخ بخلافه ونحن إنما نحكي فتواهم لا غير ا ه وتمام أبحاث هذه المسألة حررناه في منظومتنا في رسم المفتي وفي شرحها، وقدمنا بعضه في أول الكتاب، والله الهادي إلى الصواب، فافهم. قوله: (معتمد مذهبه) أي الذي اعتمده مشايخ المذهب، سواء وافق قول الإمام أو خالفه كما قررناه آنفا. قوله: (وسيجئ) أي بعد أسطر عن الملتقط، وكذا في الفصل الآتي عند قوله: قضى في مجتهد فيه. قوله: (اعلم أن في كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي الخ) أقول: قد عد في الأشباه من المسائل التي فوضت لرأي القاضي إحدى عشرة مسألة، زاد محشيه الخير الرملي أربع عشرة مسألة أخرى ذكرها الحموي في حاشيته، ولحفيد المصنف الشيخ محمد ابن الشيخ صالح بن المصنف رسالة في ذلك سماها (فيض المستفيض في مسائل التفويض) فارجع إليها، ولكن بعض