وغيره، بخلاف الدار الواحدة والعلة ما ذكرنا، فافهم. قوله: (شرى شيئين) أي قيميين، وهذه المسألة سيأتي تفصيلها في الباب الآتي. قوله (لما مر) أي قريبا من أن خيار العيب يمنع تمام الصفقة قبل القبض إلا بعده والله سبحانه وتعالى أعلم.
باب خيار العيب تقدم وجه ترتيب الخيارات، والإضافة فيه من إضافة الشئ إلى سببه، والعيب والعيبة والعاب بمعنى واحد، يقال عاب المتاع: أي صار ذا عيب، وعابه زيد يتعدى ولا يتعدى فهو معيب ومعيوب أيضا على الأصل ا ه فتح. ثم إن خيار العيب يثبت بلا شرط، ولا يتوقف، ولا يمنع وقوع الملك للمشتري، ويورث، ويثبت في الشراء والمهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم العمد، وفي الإجارة ولو حدث بعد العقد والقبض، بخلاف البيع، وفي القسمة والصلح عن المال، وبسط ذلك في جامع الفصولين. قوله: (ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة) زاد في الفتح: مما يعد به ناقصا ا ه: أي لان ما لا ينقصه لا يعد عيبا: قال في الشرنبلالية: والفطرة الخلقة التي هي أساس الأصل (1) ألا ترى أنه لو قال (2): بعتك هذه الحنطة وأشار إليها فوجدها المشتري رديئة لم يكن علمها ليس له خيار الرد بالعيب، لان الحنطة تخلق جيدة ورديئة ووسطا والعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة عن الآفات العارضة لها، فالحنطة المصابة بهواء منعها تمام بلوغها الادراك حتى صارت رقيقة الحب مغيبة كالعفن والبلل والسوس ا ه.
قلت: وعن هذا قال في جامع الفصولين: لا يرد البر برادئته لأنها ليست بعيب، ويرد المسوس والعفن، وكذا لا يرد إناء فضة برداءته بلا غش، وكذا الأمة لا ترد بقبح الوجه وسواده، ولو كانت محترقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال فله ردها ا ه. وفيه واقعة: شرى فرسا فوجده كبير السن، قيل: ينبغي أن لا يكون له الرد إلا إذا شراه على أنه صغير السن، لما مر من مسألة حمار وجده بطئ السير ا ه. قوله: (وشرعا ما أفاده الخ) أي المراد في عرف أهل الشرع بالعيب الذي يرد به المبيع ما ينقص الثمن: أي الذي اشترى به كما في الفتح، قال: لان ثبوت الرد بالعيب لتضرر المشتري وما يوجب نقصان الثمن يتضرر به ا ه. وعبارة الهداية: وما أوجب نقصان الثمن في عادة التجارة فهو عيب، لان التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة ا ه. ومفاده أن المراد بالثمن القيمة، لان الثمن الذي اشتراه به قد يكون أقل من قيمته بحيث لا يؤدي نقصانها بالعيب إلى نقصان الثمن به. والظاهر أن الثمن لما كان في الغالب مساويا للقيمة عبروا به. تأمل. والضابط عند الشافعية أنه المنقص للقيمة أو ما يفوت له غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه، فأخرجوا بفوات الغرض