فإن أمسكه يرجع بنصف الثمن فيرجع بعضهم على بعض بنصف الثمن. وعندهما يرجع الأخير بالنقصان على بائعه، ولا يرجع بائعه على بائعه لأنه بمنزلة العيب. أما رجوع الأخير فلانه لما لم يبعه لم يصر حابسا للمبيع فلا مانع من الرجوع، وأما بائعه فلا يرجع لأنه بالبيع صار حابسا له مع إمكان الرد، وقد علمت أن بيع المشتري للمعيب حبس للمبيع سواء علم أو لا فلا يمكنه الرد بعد ذلك.
فتح. قوله: (لكونه كالاستحقاق) والعلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع. بحر.
مطلب: في البيع بشرط البراءة من كل عيب قوله: (وصح البيع بشرط البراءة من كل عيب) بأن قال بعتك هذا العبد على أني برئ من كل عيب، ووقع في العيني لفظ فيه وهو سهو لما يأتي. نهر.
قلت: ولا خصوصية لهذا اللفظ، بل مثله كل ما يؤدي معناه.
مطلب: باعه على أنه كوم تراب أو حراق على الزناد أو حاضر حلال ومنه ما تعورف في زماننا فيما إذا باع دارا مثلا فيقول: بعتك هذه الدار على أنها كوم تراب، وفي بيع الدابة يقول مكسرة محطمة، وفي نحو الثوب يقول حراق على الزناد ويريدون بذلك أنه مشتمل على جميع العيوب، فإذا رضيه المشتري لا خيار له لأنه قبله بكل عيب يظهر فيه. وكذلك قوله: بعتك على أنه حاضر حلال ويراد بيع هذا الحاضر بما فيه من أي عيب كان سوى عيب الاستحقاق: أي لو ظهر غير حلال: أي مسروقا أو مغصوبا يرجع عليه المشتري، فهذا كله بمعنى البراءة من كل عيب. ونظيره ما في البحر: لو قبل الثوب بعيوبه يبرأ من الخروق وتدخل الرقع والرفو ا ه: أي لو كان فيه خرق لا يرده، وكذا لو وجده مرقوعا أو مرفوا، وهو من باب رفوت الثوب رفوا من باب قتل: أي أصلحته، ثم رأيت بعض المحشين ذكر أن العلامة إبراهيم البيري سئل عمن باع أمة وقال: أبيعك الحاضر المنظور يريد بذلك جميع العيوب. فأجاب: ليس للمشتري رد الأمة التي أبرأه عن جميع عيوبها ا ه ملخصا. قوله: (وإن لم يسم) أي لم يذكر أسماء العيوب. قوله: (خلافا للشافعي) حيث قال: لا يصح إلا أن يعد العيوب، لان في الابراء معنى التمليك، وتمليك المجهول لا يصح.
زيلعي. قوله: (لعدم إفضائه إلى المنازعة) الأولى لعدم إفضائها لان الضمير للبراءة. قال في الفتح: ولنا أن الابراء إسقاط حتى يتم بلا قبول، كما لو طلق نسوته أو أعتق عبيده ولا يدري كم هم ولا أعيانهم، والاسقاط لا تبطله جهالة الساقط لأنها لا تفضي إلى المنازعة، وتمامه فيه. قوله: (فلا يرد العيب) أي موجود أو حادث. قوله: (بالموجود) لان البراءة تتناول الثابت وهو الموجود وقت العقد فقط. ولهما أن الملاحظ هو المعنى، والغرض من هذا الشرط إلزام العقد بإسقاط المشتري حقه عن وصف السلامة ليلزم على كل حال، ولا يطالب البائع بحال وذلك بالبراءة عن كل عيب يوجب للمشتري الرد والحادث بعد العقد كذلك فاقتضى الغرض المعلوم دخوله. فتح قوله: (كقوله من كل عيب به) فإنه لا يدخل فيه الحادث إجماعا. بحر. قوله: (ولو قال مما يحدث) أي باع بشرط البراءة من كل عيب وما يحدث بعد البيع قبل القبض. فتح. قوله: (صح عند الثاني الخ) هذا على رواية المبسوط، أما على رواية شرح الطحاوي: فلا يصح بالاجماع.