البلد أو نحو ذلك، ففي مثل هذا لو برهن على الغائب وغلب على ظن القاضي أنه حق لا تزوير ولا حيلة فيه، فينبغي أن يحكم عليه وله، وكذا للمفتي أن يفتي بجوازه دفعا للحرج والضرورات وصيانة للحقوق عن الضياع، مع أنه مجتهد فيه ذهب إليه الأئمة الثلاثة، وفيه روايتان عن أصحابنا، وينبغي أن ينصب عن الغائب وكيل يعرف أن يراعي جانب الغائب ولا يفرط في حقه ا ه. وأقره في نور العين.
قلت: ويؤيده ما يأتي قريبا في المسخر، وكذا ما في الفتح من باب المفقود: لا يجوز القضاء على الغائب إلا إذا رأى القاضي مصلحة في الحكم له وعليه فحكم فإنه ينفذ لأنه مجتهد فيه ا ه.
قلت: وظاهره ولو كان القاضي حنفيا ولو في زماننا، ولا ينافي ما مر لان تجويز هذا للمصلحة والضرورة. قوله: (وقيل لا ينفذ) أي بل يتوقف على إمضاء قاض آخر كما في البحر. قوله: (ورجح في الفتح الخ) ليس قولا ثالثا، بل هو القول الثاني كما علمت، وهذا مبني على أن نفس القضاء مجتهد فيه كقضاء محدود في قذف بعد توبته، والأول مبني على أن المجتهد فيه سبب القضاء، وهو أن هذه البينة هل تكون حجة للقضاء بلا خصم حاضر أم لا؟ فإذا قضى بها نفذ كما لو قضى بشهادة المحدود في قذف بعد توبته.
مطلب في القضاء على المسخر قوله: (والمعتمد الخ) مقابله قول جواهر زاده بجوازه، لأنه أفتى بجواز القضاء على الغائب، وهو عين القضاء على الغائب. بحر. وفيه أيضا: وتفسير المسخر أن ينصب القاضي وكيلا عن الغائب ليسمع الخصومة عليه، وشرطه عند القائل به أن يكون الغائب في ولاية القاضي. قوله: (وهي في خمس) لم يذكر الرابعة في البحر بل زادها الشارح. قوله: (اشترى بالخيار) أي وأراد الرد في المدة فاختفى البائع فطلب المشتري من القاضي أن ينصب خصما عن البائع ليرده عليه، وهذا أحد قولين عزاهما في جامع الفصولين إلى الخانية، لكنه قدم هذا، وعادة قاضيخان تقديم الأشهر. قوله: (اختفى المكفول له) صورته: كفل بنفسه على أنه إن لم يوافق به غدا فدينه على الكفيل فغاب الطالب في الغد فلم يجده الكفيل فرفع الامر إلى القاضي فنصب وكيلا عن الطالب وسلم إليه المكفول عنه يبرأ، وهو خلاف ظاهر الرواية إنما هو في بعض الروايات عن أبي يوسف قال أبو الليث: لو فعل به قاض علم أن الخصم تغيب لذلك فهو حس. جامع الفصولين.
قلت: ما قاله أبو الليث توفيق بين الروايتين، لكن ما نذكره من التصحيح في المسألة التالية لهذه ينبغي إجراؤه في رواية أبي يوسف، إذ لا فرق يظهر بين المسألتين. تأمل. قوله: (حلف ليوفينه اليوم الخ) بأن علق المديون العتق أو الطلاق على عدم قضائه اليوم ثم غاب الطالب وخاف الحالف الحنث فإن القاضي ينصب وكيلا عن الغائب ويدفع الدين إليه ولا يحنث الحالف وعليه الفتوى. بحر عن الخانية. وفي حاشية مسكين عن الشيخ شرف الدين الغزي أنه لا حاجة إلى نصب الوكيل لقبض