مطلب: اشترى دارا مأجورة لا يطالب بالثمن قبل قبضها قلت: ويدخل في الشغل بحق الغير ما لو كانت الدار مأجورة، فليس للبائع مطالبة المشتري بالثمن، لعدم القبض وهي واقعة الفتوى، سئل عنها ورأيت نقلها في الفصل الثاني والثلاثين من جامع الفصولين: باع المستأجر ورضي المشتري أن لا يفسخ الشراء إلى مضي مدة الإجارة ثم يقبضه من البائع، فليس له مطالبة البائع بالتسليم قبل مضيها ولا للبائع مطالبة المشتري بالثمن ما لم يجعل المبيع بمحل التسليم، وكذا لو شرى غائبا لا يطالبه بثمنه ما لم يتهيأ المبيع للتسليم ا ه. قوله: (ولا حائل) بأن يكون في حضرته ا ه ح. وقد علمت بيانه. قوله: (أن يقول خليت الخ) الظاهر أن المراد به الاذن بالقبض لا خصوص لفظ التخلية، لما في البحر: ولو قال البائع للمشتري بعد البيع خذ لا يكون قبضا، ولو قال خذه يكون تخلية إذا كان يصل إلى أخذه ا ه. وفي الفروع المارة ما يدل عليه أيضا. قوله: (أو كان بعيدا) أي وإن قال: خليت الخ كما مر، والمراد بالبعيد مالا يقدر على قبضه، بلا كلفة ويختلف باختلاف المبيع كما قررناه، أو المراد به حقيقته، ويقاس عليه ما شابهه.
قوله: (وهو لا يصح به القبض) أي الاقرار المذكور ولا يتحقق به القبض، وقيد بالقبض لأن العقد في ذاته صحيح، غير أنه لا يجب على المشتري دفع الثمن لعدم القبض. قوله: (على الصحيح) وهو ظاهر الرواية، ومقابله ما في المحيط وجامع شمس الأئمة أنه بالتخلية يصح القبض، وإن كان العقار بعيدا غائبا عنهما عند أبي حنيفة خلافا لهما، وهو ضعيف كما في البحر. وفي الخانية: والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه إذا كان قريبا يتصور فيه القبض الحقيقي في الحال، فتقام التخلية مقام القبض، أما إذا كان بعيدا لا يتصور القبض في الحال، فلا تقام التخلية مقام القبض ا ه. هذا ثم إن ما ذكره الشارح هنا نقل مثله في أواخر الإجارات عن وقف الأشباه.
ثم قال: قلت: لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها كان قابضا، وإلا فلا، تنبيه ا ه.
قلت: لكن أنت خبير بأن هذا مخالف للروايتين، ولا يمكن التوفيق بحمل ظاهر الرواية عليه، لان المعتبر فيها القرب الذي يتصور معه حقيقة القبض كما علمته من كلام الخانية. قوله: (وكذا الهبة والصدقة) أي لا تكون تخلية البعيد فيهما قبضا. قال في البحر: وعلى هذا تخلية البعيد في الإجارة غير صحيحة فكذا الاقرار بتسلمها ا ه.
قلت: ومفاده أن تخلية القريب في الهبة قبض، لكن هذا في غير الفاسدة كما في الخانية حيث قال: أجمعوا على أن التخلية في البيع الجائز تكون قبضا، وفي البيع الفاسد روايتان، والصحيح أنه قبض، وفي الهبة الفاسدة كالهبة في المشاع الذي يحتمل القسمة لا تكون قبضا باتفاق الروايات.
واختلفوا في الهبة الجائزة: ذكر الفقيه أبو الليث أنه لا يصير قابضا في قول أبي يوسف، وذكر شمس الأئمة الحلواني أنه يصير قابضا ولم يذكر فيه خلافا ا ه.
تتمة: في البزازية قبض المشتري المشري قبل نقذه بلا إذن البائع فطلبه منه فخلى بينه وبين البائع لا يكون قبضا حتى يقبضه بيده، بخلاف ما إذا خلى البائع بينه وبين المشتري: اشترى بقرة