الغائب فهو أولى بدكانه، وإن كان له خلو فهو أولى بخلوه أيضا، وله الخيار في ذلك، فإن شاء فسخ الإجارة وسكن في دكانه، وإن شاء أجازها ورجع بخلوه على المستأجر، ويؤمر المستأجر بأداء ذلك إن رضي به، وإلا يؤمر بالخروج من الدكان ا ه. بلفظه اه.
لكن قال السيد الحمو أقول: ما نقل عن واقعات الضريري من ذكر لفظة الخلو، فضلا عن أن يكون المراد بها ما هو المتعارف كذب، فإن الاثبات من النقلة كصاحب جامع الفصولين نقل عبارة الضريري ولم يذكر فيها لفظ الخلو، وهذا وقد اشتهر نسبة مسألة الخلو إلى مذهب الامام مالك، والحال أنه ليس فيه نص عنه ولا عن أحد من أصحابه، حتى قال البدر القرافي من المالكية: إنه لم يقع في كلام الفقهاء التعرض لهذه المسألة وإنما فيها فتيا للعلامة ناصر الدين اللقاني المالكي بناها على العرف وخرجها عليه، وهو من أهل الترجيح فيعتبر تخريجه وإن نوزع فيه، وقد انتشرت فتياه في المشارق والمغارب وتلقاها علماء عصره بالقبول ا ه.
قلت: ورأيت في فتاوى الكازروني عن العلامة اللقاني: أنه لو مات صاحب الخلو يوفى منه ديونه ويورث عنه وينتقل لبيت المال عند فقد الوارث ا ه. هذا، وقد استدل بعضهم على لزومه وصحة بيعه عندنا بما في الخانية: رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذا فظهر أنها أكثر من ذلك، قالوا: ليس له أن يرد السكنى بهذا العيب ا ه. وللعلامة الشرنبلالي رسالة رد فيها على هذا المستدل بأنه لم يفهم معنى السكنى، لان المراد بها عين مركبة في الحانوت وهي غير الخلو. ففي الخلاصة: اشترى سكنى حانوت في حانوت رجل مركبا وأخبره البائع أن أجرة الحانوت كذا فإذا هي أكثر ليس له أن يرد، وفي جامع الفصولين عن الذخيرة: شرى سكنى في دكان وقف فقال المتولي: ما أذنت له: أي للبائع بوضعها فأمره: أي أمر المشتري بالرفع، فلو شراه بشرط القرار يرجع على بائعه (1)، وإلا فلا يرجع عليه بثمنه ولا بنقصانه ا ه. ثم نقل عن عدة كتب ما يدل على أن السكنى عين قائمة في الحانوت، ورد فيها أيضا على الأشباه بأن الخلو لم يقل به إلا متأخر من المالكية، حتى أفتى بصحة وقفه، ولزم منه أن أوقاف المسلمين صارت للكافرين، بسبب وقف خلوها على كنائسهم، وبأن عدم إخراج صاحب الحانوت لصاحب الخلو يلزم منه حجر الحر المكلف عن ملكه وإتلاف ماله، مع أن صاحب الخلو لا يعطي أجر المثل، ويأخذ هو في نظير خلوه قدرا كثيرا، بل لا يجوز هذا في الوقف. وقد نصوا على أن من سكن الوقف يلزمه أجر المثل، وفي ومنع الناظر من إخراجه تفويت نفع الوقف وتعطيل ما شرطه الواقف من إقامة شعائر مسجد ونحوها ا ه ملخصا.
مطلب في الكدك قلت: وما ذكره حق خصوصا في زماننا هذا، وأما ما يتمسك به صاحب الخلو من أن اشترى خلوه بمال كثير، وأنه بهذا الاعتبار تصير أجرة الوقف شيئا قليلا فهو تمسك باطل، لان ما أخذه منه صاحب الخلو الأول لم يحصل منه نفع للوقف فيكون الدافع هو المضيع ماله، فكيف يحل له ظلم