يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع لأن العقد غير لازم ا ه. ولما في البدائع: وأما صفته: فهي أنه عقد غير لازم قبل العمل من الجانبين بلا خلاف حتى كان لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل كالبيع بالخيار للمتبايعين، فإن لكل منهما الفسخ، وأما بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع فكذلك، حتى كان للصانع أن يبيعه ممن شاء، وأما إذا أحضره الصانع على الصفة المشروطة سقط خياره، وللمستصنع الخيار. هذا جواب ظاهر الرواية، وروي عنه ثبوته لهما، وعن الثاني عدمه لهما، والصحيح الأول ا ه. وقال أيضا: ولكل واحد منهما الامتناع من العمل قبل العمل بالاتفاق، ثم إذا صار سلما يراعى فيه شرائط السلم: فإن وجدت صح، وإلا لا ا ه. وقال أيضا: فإن ضرب له أجلا صار سلما حتى يعتبر فيه شرائط السلم، ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي عليه في السلم ا ه. وذكر في كافي الحاكم أن للصانع بيعه قبل أن يراه المستصنع، ثم ذكر أن الإستصناع لا يصح في الثوب، وأنه لو ضرب له أجلا وعجل الثمن جاز وكان سلما، ولا خيار له فيه ا ه.
وفي التتارخانية: ولا يجبر المستصنع على إعطاء الدراهم، وإن شرط تعجيله هذا إذا لم يضرب له أجلا، فإن ضرب قال أبو حنيفة: يصير سلما ولا يبقى استصناعا حتى يشترط فيه شرائط السلم ا ه.
فقد ظهر لك بهذه النقول أن الإستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلا بشهر فأكثر، فيصير سلما وهو عقد لازم يجبر عليه، ولا خيار فيه، وبه علم أن قول المصنف فيجبر الصانع على عمله لا يرجع الآمر عنه إنما هو فيما إذا صار مسلما فكان عليه ذكره قبل قوله: وبدونه وإلا فهو مناقض لما ذكره بعده من إثبات الخيار للآمر، ومن أن المعقود عليه العين لا العمل، فإذا لم يكن العمل معقودا عليه كيف يجير عليه. وأما ما في الهداية عن المبسوط، من أنه لا خيار للصانع في الأصح، فذاك بعد ما صنعه ورآه الآمر كما صرح به في الفتح، وهو ما مر عن البائع، والظاهر أن هذا منشأ توهم المصنف وغيره كما يأتي. وبعد تحريري لهذا المقام رأيت موافقته في الفصل الرابع والعشرين من نور العين إصلاح جامع الفصولين حيث قال بعد أن أكثر من النقل في إثبات الخيار في الإستصناع: فظهر أن قول الدرر تبعا لخزانة المفتي أن الصانع يجبر على عمله والآمر لا يرجع عنه سهو ظاهر ا ه. فاغتنم هذا التحرير ولله الحمد. قوله: (والمبيع هو العين لا عمله) أي أنه بيع عين موصوفة في الذمة لا بيع عمل:
أي لا إجارة على العمل، لكن قدمنا أنه إجارة ابتداء بيع انتهاء. تأمل.
مطلب ترجمة البردعي قوله: (خلافا للبردعي) بالباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وفي آخره عين مهملة، نسبة إلى بردعة بلدة من أقصى بلاد أذربيجان، وهو أحمد بن الحسين أبو سعيد من الفقهاء الكبار، قتل في وقعة القرامطة مع الحاج سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتمام ترجمته في طبقات عبد القادر. قوله:
(بمصنوع غيره) أي بما صنعه غيره. قوله: (فأخذه) أي الآمر. قوله: (بلا رضاه) أي رضا الآمر أو رضا الصانع. قوله: (قبل رؤية آمره) الأولى قبل اختياره، لان مدار تعينه له على اختياره، وهو يتحقق