ذكره الزيلعي في مسائل شتى آخر الكتاب بقوله: إلا أن الملتقط إذا نشد اللقطة ومضى مدة النشدات ينبغي أن يجوز له الاقراض من فقير، لأنه لو تصدق بها عليه في هذه الحالة جاز فالقرض أولى ا ه فافهم.
مطلب فيما لو قضى القاضي بالجور قوله: (ولو قضى بالجور الخ) القضاء بخلاف الحق إما عن خطأ أو عمد، وكل على وجهين:
إما في حقه تعالى، أو حق العبد. فالخطأ في حق العبد إما أن يمكن فيه التدارك والرد أو لا، فإن أمكن بأن قضى بمال أو صدقة أو طلاق أو إعتاق ثم ظهر أن الشهود عبيد أو كفار أو محدودون في قذف يبطل القضاء ويرد العبد رقيقا، والمرأة إلى زوجها والمال إلى من أخذه منه، وإن لم يمكن الرد بأن قضى بالقصاص واقتص لا يقتل المقضي له، ويصير صورة القضاء شبهة مانعة، بل تجب الدية في مال المقضي له، وهذا كله إذا ظهر خطأ القاضي بالبينة أو بإقرار المقضي له، فلو بإقرار القاضي لا يظهر في حق المقضي له، فلو بإقرار القاضي لا يظهر في حق المقضي له، حتى لا يبطل القضاء في حقه، وأما الخطأ في حقه تعالى بأن قضى بحد زنا أو سرقة أو شرب واستوفى الحد ثم ظهر أن الشهود كما مر في الضمان في بيت المال، وإن كان القضاء بالجور عن عمد وأقر به فالضمان في ماله في الوجوه كلها بالجناية والاتلاف، ويعزر القاضي ويعزل عن القضاء ط عن الهندية ملخصا.
مطلب: إذا قاس القاضي وأخطأ فالخصومة للمدعى عليه مع القاضي والمدعي يوم القيامة تنبيه: القاضي إذا قاس مسألة على مسألة وحكم ثم ظهر رواية بخلافه فالخصومة للمدعى عليه يوم القيامة مع القاضي والمدعي، أما مع المدعي فلانه أثم بأخذ المال، وأما مع القاضي فلانه أثم بالاجتهاد لان أحدا ليس من أهل الاجتهاد في زماننا، وبعض أذكياء خوارزم قاس المفتي على القاضي، فأوردت أن القاضي صاحب مباشر للحكم، فكيف يؤاخذ السبب مع المباشر فانقطع، وكان له أن يقول: إن القاضي في زماننا ملجأ إلى الحكم بعد الفتوى، لأنه لو ترك يلام لأنه غير عالم حتى يقضي بعلمه. بزازية قبيل الشهادات.
قلت: وفيه نظر، فإن هذا لا يسمى إلجاء حقيقة وإلا لزم أن تنقطع النسبة عن المباشر إلى المتسبب، كما لو أكره رجل آخر بإتلاف عضو على أخذ مال إنسان، فإن الضمان على المكره بالكسر لصيرورة المكره بالفتح كالآلة، ولا شك أن ما هنا ليس كذلك، فلم تنقطع النسبة عن المباشر وهو القاضي وإن أثم المتسبب وهو المفتي، ولا يقاس هذا على مسألة تضمين الساعي إلى ظالم مع أن الساعي متسبب لا مباشر، فإن تلك مسألة استحسانية خارجة عن القياس زجرا عن السعاية، لكن قد يقال:
إن هذا حكم الضمان في الدنيا والكلام في الخصومة في الآخرة، ولا شك في أن كلا من المباشر والمتسبب ظالم آثم وللمظلوم الخصومة معهما وإن اختلف ظلمهما، فإن المباشر ظلمه أشد، كمن أمسك رجلا حتى قتله آخر. قوله: (انعزل عن القضاء) الظاهر أن هذا وما بعده مبنيان على رواية