هذه المسائل لا يظهر توقف الرأي فيها على الاجتهاد المصطلح، فليتأمل. وانظر ما نذكره في الفصل الآتي عند قوله: فيحبسه بما رأى قوله: (وإنما ينفذ القضاء الخ) هذا في القاضي المجتهد، أما المقلد فعليه العمل بمعتمد مذهبه علم فيه خلافا أو لا ا ه ط. وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة عند قول المصنف وإذا رفع إليه حكم قاض آخر نفذه. قوله: (وإذا أشكل الخ) قال في الهندية: وإن لم يقع اجتهاد على شئ وبقيت الحادثة مختلفة ومشكلة كتب إلى غير فقهاء مصره، فالمشاورة بالكتاب سنة قديمة في الحوادث الشرعية، فإن اتفق رأيهم على شئ ورأيه يوافقهم وهو من أهل الرأي والاجتهاد أمضى ذلك برأيه، وإن اختلفوا نظر إلى أقرب الأقوال عند من الحق إن كان من أهل الاجتهاد، وإلا أخذ بقول من هو أفقه وأورع عنده ا ه ط. قوله: (وقضى بما رآه صوابا) أي بما حدث له من الرأي والاجتهاد بعد مشاورتهم، فلا ينافي قوله: ولا رأى له فيه تأمل. قوله: (إلا أن يكون غيره) أي إلا أن يكون الشخص الذي أفتاه أقوى منه، فيجوز له أن يعدل عن رأي نفسه إلى رأي ذلك المفتي، لكن هذا إذا اتهم رأي نفسه. ففي الهندية عن المحيط: وإن شاور القاضي رجلا واحدا كفى، فإن رأى بخلاف رأيه وذلك الرجل أفضل وأفقه عنده لم تذكر هذه المسألة هنا. وقال في كتاب الحدود: لو قضى برأي ذلك الرجل أرجو أن يكون في سعة، وإن لم يتهم القاضي رأيه لا ينبغي أن يترك رأي نفسه ويقضي برأي غيره ا ه: أي لان المجتهد لا يقلد غيره. قوله: (واتباع رأيهم) أي إن اتفقوا على شئ وإلا أخذ بقول الأفقه والأورع عنده كما مر.
قال في الفتح: وعندي أنه لو أخذ بقول الذي لا يميل إليه قلبه جاز، لان ذلك الميل وعدمه سواء، والواجب عليه تقليد مجتهد وقد فعل، أصاب ذلك المجتهد أو أخطأ ا ه.
قلت: وهذا كله فيما إذا كان المفتيان مجتهدين واختلفا في الحكم، ومثله يقال في المقلدين فيما لم يصرحوا في الكتب بترجيحه واعتماده أو اختلفوا في ترجيحه، وإلا فالواجب الآن اتباع ما اتفقوا على ترجيحه أو كان ظاهر الرواية أو قول الإمام أو نحو ذلك من مقتضيات الترجيح التي ذكرناها في أول الكتاب وفي منظومتنا وشرحها. قوله: (في ظاهر الرواية) في البحر: ولا يشترط المصر على ظاهر الرواية، فالقضاء بالسواد صحيح، وبه يفتى، كذا في البزازية ا ه. وبه علم أن كلا من القولين معزو إلى ظاهر الرواية، وفيه تأمل. رملي على المنح. قوله: (وفي عقار الخ) في البحر: ولا يشترط أن يكون المتداعيان من بلد القاضي إذا كانت الدعوى في المنقول والدين، وأما في عقار لا في ولايته