نية البيع لما علمت من أن البيع لا ينعقد بالنية، فيكون شبيه القرض المضمون بمثله أو بقيمته، فإذا توافقا على شئ بدل المثل أو القيمة برئت ذمة الآخذ، لكن يبقى الاشكال في جواز التصرف فيه إذا كان قيميا، فإن قرض القيمي لا يصح فيكون تصحيحه هنا استحسانا كقرض الخبز والخميرة ويمكن تخريجه على الهبة بشرط العوض، أو على المقبوض على سوم الشراء. ثم رأيته في الأشباه في القول في ثمن المثل حيث قال: ومنها لو أخذ من الأرز والعدس وما أشبهه، وقد كان دفع إليه دينارا مثلا لينفق عليه، ثم اختصما بعد ذلك في قيمته هل تعتبر قيمته يوم الاخذ أو يوم الخصومة؟
قال في التتمة: تعتبر يوم الاخذ، قيل له: لو لم يكن دفع إليه شيئا بل كان يأخذ منه على أن يدفع إليه ثمن ما يجتمع عنده. قال: يعتبر وقت الاخذ لأنه سوم حين ذكر الثمن ا ه. قوله: (بيع البراءات) جمع براءة، وهي الأوراق التي يكتبها كتا أأدخل الديوان على العاملين على البلاد بحظ كعطاء أو على الكارين بقدر ما عليهم، وسميت براءة لأنه يبرأ بدفع ما فيها ط. قوله: (بخلاف بيع حظوظ الأئمة) بالحاء المهملة والظاء المشالة جمع حظ، بمعنى: النصيب المرتب له من الوقف: أي فإنه يجوز بيعه، وهذا مخالف لما في الصيرفية فإن مؤلفها سئل عن بيع الحظ فأجاب: لا يجوز. ط عن حاشية الأشباه.
قلت: وعبارة الصيرفية هكذا: سئل عن بيع الخط قال: لا يجوز، لأنه لا يخلو إما إن باع ما فيه أو عين الخط. لا وجه للأول لأنه بيع ما ليس عنده، ولا وجه للثاني لان هذا القدر من الكاغد ليس متقوما، بخلاف البراءة، لأن هذه الكاغدة متقومة ا ه.
قلت: ومقتضاه أن الخط بالخاء المعجمة والطاء المهملة، وهذا لا يخالف ما ذكره الشارح، لان المراد بحظوظ الأئمة ما كان قائما في يد المتولي من نحو خبز أو حنطة قد استحقه الامام وكلام الصيرفية فيما ليس بموجود. قوله: (ثمة) أي هناك: أي في مسألة بيع حظوظ الأئمة، وأشار إليها بالبعيد لان الكلام كان في بيع البراءات، ولذا أشار إليها بلفظ هنا. قوله: (من المشرف) أي المباشر الذي يتولى قبض الخبز. قوله: (بخلاف الجندي) أي إذا باع الشعير المعين لعلف دابته من حاشية السيد أبي السعود.
مطلب في بيع الاستجرار قوله: (وتعقبه في النهر) أي تعقب ما ذكر من مسألة بيع الاستجرار وما بعده، حيث قال:
أقول الظاهر أن ما في القنية ضعيف، لاتفاق كلمتهم على أن بيع المعدوم لا يصح، وكذا غير المملوك، وما المانع من أن يكون المأخوذ من العدس ونحوه بيعا بالتعاطي، ولا يحتاج في مثله إلى بيان الثمن لأنه معلوم كما سيأتي. وحظ الامام لا يملك قبل القبض، فأنى يصح بيعه، وكن على ذكر مما قاله ابن وهبان في كتاب الشرب ما في القنية: إذا كان مخالفا للقواعد لا التفات إليه ما لم يعضده نقل من غيره ا ه. وقدمنا الكلام على بيع الاستجرار. وأما بيع حظ الامام فالوجه ما ذكره من عدم صحة بيعه. ولا ينافي ذلك أنه لو مات يورث عنه لأنه أجرة استحقها، ولا يلزم من الاستحقاق الملك، كما قالوا في الغنيمة بعد إحرازها بدار الاسلام: فإنها حق تأكد بالاحراز، ولا