من آخر الفصل التاسع والأربعين. قوله: (أي متنجس) احترز به عن دهن الميتة والخنزير ا ه ح. قوله:
(وينتفع به للاستصباح) عطف علة على معلول ط. لان الانتفاع به علة جواز البيع. قوله: (كما مر) أي في باب الأنجاس، لكن عبارته هناك: ولا يضر أثر دهن إلا دهن ودك ميتة لأنه عين النجاسة، حتى لا يدبغ به جلد بل يستصبح به في غير مسجد ا ه. وقدمنا هناك تأييد ما هنا بالحديث الصحيح، وقدمنا ذلك أيضا في البيع الفاسد. قوله: (غير الخمر والخنزير الخ) فإنا نجيز بيع بعضهم بعضا لخصوص فيه من قول عمر رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج: حضر عمر بن الخطاب واجتمع إليه عماله، فقال: يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير والخمر، فقال بلال: أجل إنهم يفعلون ذلك، فقال: فلا تفعلوا، ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم، ولا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم. فتح. قوله: (وميتة الخ) هذا زاده ابن الكمال وصاحب الدرر استدراكا على الهداية بأن المستثنى غير محصور بالخمر والخنزير، واستدرك أيضا في النهر شراءه عبدا مسلما أو مصحفا.
قلت: هذا إنما يظهر أن لو كان التشبيه في قولهم: والذمي كالمسلم الخ من جهة الحل والحرمة، والظاهر أنه من جهة الصحة والفساد، لأن الصحيح (1) من مذهب أصحابنا أن الكفار مخاطبون بشرائع، هي محرمات، فكانت ثابتة في حقهم أيضا، فلو كان التشبيه من جهة الحل والحرمة لم يصح استثناء شئ، فتعين ما قلنا، وحينئذ فلا يدخل الجبر على البيع في التشبيه حتى يصح استثناؤه، ولذا غاير المصنف في التعبير فقال: وصح شراؤه عبدا الخ، ثم هذا على رواية أن بيع ما لم يمت حتف أنفه صحيح بينهم، وفي رواية أنه فاسد، بخلاف ما مات حتف أنفه فإن بيع باطل فيما بيننا وبينهم، كما مر أول البيع الفاسد.
مطلب أمرنا بتركهم وما يدينون قوله: (وقد أمرنا بتركهم وما يدينون) كذا في الهداية. وقال: دل عليه قول عمر: ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ا ه. وأشار به إلى أن إعراضنا عنهم ليس لكونها مباحة شرعا في حقهم كما هو قول البعض، بل الحرمة ثابتة في حقهم في الصحيح، لأنهم مخاطبون بها كما قلنا لكنهم لا يمنعون من بيعها، لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كما في البحر عن البدائع، لكن الأولى الاستدلال بأن هذا مخصوص بالأثر المنقول عن عمر كما مر، وإلا ورد عليه أنه لو اعتقدوا حل ما مات حتف أنفه أن يصح بيعه، مع أنهم لو ارتفعوا إلينا نحكم ببطلانه، وأيضا لو