كتاب القضاء ترجم له في الهداية بأدب القاضي، والأدب، الخصال الحميدة، فذكر ما ينبغي للقاضي أن يفعله ويكون عليه، وهو في الأصل من الأدب بسكون الدال وهو الجمع والدعاء، وهو أن تجمع الناس وتدعوهم إلى طعامك، يقال أدب يأدب كضرب يضرب: إذا دعا إلى طعامه، سميت به الخصال الحميدة لأنها تدعو إلى الخير، وتمامه في الفتح. قوله: (لما كان الخ) كذا في العناية والفتح، وهو صريح في أن المراد بالقضاء الحكم، وحينئذ فكان ينبغي إيراده عقب الدعوى، وأيضا كان ينبغي بيان وجه التأجير عما قبله، كذا قيل. ويمكن أن يقال: أرادوا بيان من يصلح للقضاء: أي الحكم لتصح الدعوى عنده، فلا جرم أن ذكر قبلها، ولا خفاء أن وجه التأخير عما قبله مستفاد من أن أكثر المنازعات في الديون والحوالة المطلقة مختصة بها فذكر بعدها. نهر. قوله: (لغة الحكم) وأصله قضاي لأنه من قضيت، إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف همزت، والجمع الأقضية: * (وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه) * (الاسراء: 32) أي حكم، وقد يكون بمعنى الفراغ تقول: قضيت حاجتي، وضربه فقضى عليه: أي قتله، وقضي نحبه: مات، وبمعنى الأداء والانهاء، ومنه قوله تعالى: * (وقضينا إليه ذلك الامر) * (الحجر: 66) وبمعنى الصنع والتقدير، ومنه قوله تعالى: * (فقضاهن سبع سماوات) * (فصلت: 21) ومنه القضاء والقدر. بحر ملخصا عن الصحاح. قوله: (وشرعا فصل الخصومات الخ) عزاه في البحر إلى المحيط، ولا بد أن يزاد فيه على وجه خاص، وإلا دخل فيه نحو الصلح بين الخصمين. قوله: (وقيل غير ذلك) منه قول العلامة قاسم، إنه إنشاء إلزام في مسائل الاجتهاد المتقاربة فيما يقع فيه النزاع لمصالح الدنيا، فخرج القضاء على خلاف الاجماع وما ليس بحادثة وما كان من العبادات ومنه قول العلامة ابن الغرس إنه الالزام في الظاهر على صيغة مختصة بأمر ظن لزومه في الواقع شرعا. قال: فالمراد بالإلزام التقرير التام، وفي الظاهر فصل احترز به عن الالزام في نفس الامر، لأنه راجع إلى خطاب الله تعالى وعلى صيغة مختصة: أي الشرعية كألزمت وقضيت وحكمت وأنفذت عليك القضاء وبأمر ظن لزومه الخ فصل عن الجور والتشهي، ومعنى في الظاهر: أي الصور الظاهرة، إشارة إلى أن القضاء مظهر في التحقيق للامر الشرعي، لا مثبت خلافا لما يتوهم من أنه مثبت، أخذا من قول الإمام بنفوذه ظاهرا وباطنا في العقود والفسوخ بشهادة الزور، لان الامر الشرعي في مثله ثابت تقديرا والقضاء يقرره في الظاهر، ولم يثبت أمرا لم يكن لان الشرع قد يعتبر المعدوم موجودا أو الموجود معدوا، كوجود الدخول حكما في إلحاق نسب ولد المشرقية بالمغربي، فأجري الممكن مجرى الواقع لئلا يهلك الولد بانتفاء نسبه مع وجود العقد المفضي إلى ثبوته ا ه ملخصا. وتمامه في رسالته. قوله: (وأركانه ستة الخ) فيه نظر، لان المراد بالقضاء الحكم كما مر، والحكم أحد الستة المذكورة فيلزم أن يكون ركنا لنفسه، فالمناسب ما في البحر من أن ركنه ما يدل عليه من قول أو فعل ويأتي بيانه. قوله: (على ما نظمه) أي من بحر الكامل، ونصف البيت الثاني
(٤٩٠)