قلت: وهو المتبادر أيضا مما في المتون من أن الربح يطيب له، فإنه دليل على أن المراد الأداء على وجه القضاء، وقول الشارح تبعا للدرر ليدفعه للطالب ظاهره الدفع على وجه الرسالة، وهو موافق لما في كافي النسفي وغيره، ويفهم منه أنه في الدفع على وجه القضاء له ذلك بالأولى. ويمكن حمله على ما في كافي الحاكم وغيره بأن يكون المراد أنه لم يصرح له بأنه يدفعه للطالب، بل أضمر ذلك في نفسه وقت الأداء. ففي الشرنبلالية عن القنية: لو أطلق عند الدفع فلم يبين أنه على وجه القضاء أو الرسالة يقع عن القضاء، فافهم.
تنبيه: لو قضى المطلوب الدين إلى الطالب فللمطلوب أن يرجع على الكفيل بما أعطاه كما في الكافي وغيره. قوله: (وإن لم يعطه طالبه) إن وصلية وطالبه بكسر اللام بزنة اسم الفاعل مضاف للضمير وهو المفعول الثاني ليعطه. قوله: (ولا يعمل نهيه الخ) هذا ما أجاب به في البحر حيث قال:
وقد سئلت عما إذا دفع المديون الدين للكفيل ليؤديه إلى الطالب ثم نهاه عن الأداء هل يعمل نهيه؟
فأجبت إن كان كفيلا بالامر لم يعمل نهيه لأنه لا يملك الاسترداد، وإلا عمل لأنه يملكه ا ه.
قلت: وظاهر قوله: ليؤديه أن الدفع على وجه الرسالة فهو مبني على ما في كافي النسفي.
قوله: (لأنه حينئذ) أي حين إذ كان كفيلا بلا أمر يملك الأصيل الاسترداد، لان الكفيل لا دين له عليه فلم يملك المؤدى بل هو في يده محض أمانة، كما إذا أداه الأصيل إليه على وجه الرسالة وكانت الكفالة بالامر على ما مر، بل هذا بالأولى لما علمت من أنه هنا لا دين له أصلا. قوله: (لكنه قدم قبله ما يخالفه) لعل مراده بالمخالفة أن المصنف لم يقيد متنه بكون الكفيل كفيلا بالامر، وفرق هنا بين كونه بالامر فلا يعمل نهيه وإلا عمل، لكن في شرح المصنف إشارة إلى أن مراده في المتن الكفيل بالامر، وقد علمت أن هذا القيد لا بد منه فلا مخالفة. قوله: (حيث قبضه على وجه الاقتضاء) تقييد للمتن ولتعليله بأنه نماء ملكه، وصرح بعده بمفهومه وعبارة الهداية: فإن ربح الكفيل فيه فهو له لا يتصدق به لأنه ملكه حين قبضه، وهذا إذا قضى الدين ظاهر، وكذا إذا قضاه المطلوب بنفسه وثبت له استرداد ما دفع للكفيل، وإنما حكمنا بثبوت ملكه إذا قضاه المطلوب بنفسه، لان الكفيل وجب له بمجرد الكفالة على الأصيل مثل ما وجب للطالب على الكفيل وهو المطالبة ا ه. موضحا من الفتح وتمامه فيه. قوله: (خلافا للثاني) أي أبي يوسف فعنده يطيب له كمن غصب من إنسان وربح فيه يتصدق بالربح عندهما، لأنه استفاده من أصل خبيث، ويطيب له عنده مستدلا بحديث الخراج بالضمان فتح قوله: (وندب رده) مرتبط بقوله بعده: فيما يتعين بالتعيين أي أن قوله: طاب له:
أي الربح إنما هو فيما لو كان المؤدى للكفيل شيئا لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير، فإن الخبث لا يظهر فيها، بخلاف ما يتعين كالحنطة ونحوها بأن كفل عنه حنطة وأداها الأصيل إلى الكفيل وربح الكفيل فيها فإنه يندب رد الربح إلى الأصيل. قال في النهر: وهذا هو أحد الروايات عن الامام، وهو الأصح، وعنه أنه لا يرده بل يطيب له، وهو قولهما لأنه نماء ملكه، وعنه أنه يتصدق به، وتمامه فيه.
قوله: (إن قضى الدين بنفسه) أي إن قضاه الأصيل للطالب، وهذه العبارة تابع فيها صاحب الدرر