قلت: وفيه بعد، والأظهر تعلقه بمحذوف على أنه حال من براءة: أي منتهية إلى الطالب على أن اللام بمعنى إلى، ونظيره قوله الآتي: برئت إلى فافهم. قوله: (إلا إذا أحاله) فإن الحوالة كما يأتي نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فهو في حكم الأداء فصح الاستثناء، فافهم. قوله:
(وشرط براءة نفسه فقط) فحينئذ يبرأ الكفيل دون الأصيل، وللطالب أخذ الأصيل أو المحال عليه بدينه ما لم ينو المال على المحال عليه، وبدون هذا الشرط يبرأ الأصيل أيضا، لان الدين عليه والحوالة حصلت بأصل الدين فتضمنت برأتهما، كما في البحر عن السراج. قوله: (وبرئ الكفيل بأداء الأصيل) وكذا يبرأ لو شرط الدفع من وديعة فهلكت. ففي الكافي: لو كفل بألف عن فلان على أن يعطيها إياه من وديعة لفلان عنده جاز، فإن هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل ا ه. وفيه أيضا في باب بطلان المال عن الكفيل بغير أداء ولا إبراء: لو كفل عن رجل بالثمن فاستحق المبيع من يده أو رده بعيب ولو بلا قضاء أو بإقالة أو بخيار رؤية أو بفساد البيع برئ الكفيل، وكذا لو بطل المهر أو بعضه عن الزوج بوجه برئ مما بطل عن الزوج أو ضم المشتري الثمن لغريم البائع فاستحق المبيع من يد المشتري بطلت الكفالة أيضا وكذلك الحوالة، أما لو رده المشتري بعيب ولو بلا قضاء لم يبرأ الكفيل ويرجع به على البائع، وكذا لو هلك المبيع قبل التسليم أو ضمن الزوج مهر المرأة لغريمها ثم وقعت بينهما فرقة من قبله أو من قبلها لم يبطل الضمان، وتمامه فيه. قوله: (إلا إذا برهن) أي الأصيل على أدائه قبل الكفالة فيبرأ: أي الأصيل فقط: أي دون الكفيل لأنه أقر بهذه الكفالة أن الألف على الأصيل، وبهذا يظهر أن الاستثناء منقطع، لما في البحر من أن هذا ليس من البراءة، وإنما تبين أن لا دين على الأصيل والكفيل عومل بإقراره: أي لان البينة لما قامت على الأداء قبل الكفالة علم أن ما كفل به الكفيل غير هذا الدين، بخلاف ما إذا برهن أنه قضاه بعد الكفالة، ففي البحر أنهما يبرآن.
قوله: (بحر) صوابه نهر فإنه نقل عن القنية براءة الأصيل إنما توجب براءة الكفيل إذا كانت بالأداء أو الابراء، فإن كانت بالحلف فلا، لان الحلف يفيد براءة الحالف فحسب ا ه. والظاهر أنه مصور فيما إذا كانت الكفالة بغير أمره، وإلا فقوله: اكفل عني لفلان بكذا، إقرار بالمال لفلان كما في الخانية وغيرها، وحينئذ فإذا ادعى عليه المال فأنكر وحلفه برئ وحده، إنما قلنا كذلك لأنه لو ادعى الأصيل الأداء فعليه البينة لا اليمين. تأمل.
قوله: (ولو أبرأ الطالب الأصيل الخ) محل براءة الكفيل بإبراءه الطالب الأصيل إذا لم يكفل بشرط براءة الأصيل، فإن كفل كذلك برئ الأصيل دون الكفيل لأنها حوالة ط. ولو قال ولو برئ الأصيل لشمل ما في الخانية لو مات الطالب والأصيل وارثه برئ الكفيل أيضا ا ه بحر. قوله:
(برئ الكفيل) بشرط قبول الأصيل وموته قبل القبول والرد يقول مقام القبول، ولو رده ارتد. وهل يعود الدين على الكفيل أم لا؟ خلاف كذا في الفتح. نهر. وفي التتارخانية عن المحيط: لا ذكر لهذه المسألة في شئ من الكتب. واختلف المشايخ، فمنهم من قال لا يبرأ الكفيل: أي برد الأصيل الابراء كما في رد الهبة، ومنهم من قال: يبرأ الكفيل ا ه. قال في الفتح. وهذا بخلاف الكفيل فإنه إذا أبرأه صح وإن لم يقبل، ولا يرجع على الأصيل، ولو كان إبراء الأصيل أو هبته أو التصدق عليه بعد موته