قال السيد: ورأيت لشيخنا بدر الدين بن الصاحب المصري أن الصلاة فيه فرادى بمائة ألف، وجماعة بألفي ألف وسبعمائة ألف، والصلوات الخمس فيه بثلاثة عشر ألف ألف وخمسمائة صلاة، وصلاة الرجل منفردا في وطنه غير المسجدين المعظمين كل مائة سنة شمسية مائة ألف وثمانين ألف صلاة، وكل ألف سنة بألف ألف صلاة وثمانمائة ألف صلاة.
فتلخص أن صلاة واحدة جماعة في المسجد الحرام يفضل ثوابها على ثواب من صلى في بلدة فرادى حتى بلغ عمر نوح عليه السلام بنحو الضعف اه. ثم ذكر للعلماء خلافا في هذا الفضل، هل يعم الفرض والنفل، أو يختص بالفرض؟ وهو مقتضى مشهور مذهبنا: أي المالكية ومذهب الحنفية، والتعميم مذهب الشافعية.
واختلف في المراد بالمسجد الحرام: قيل مسجد الجماعة وأيده المحب الطبري، وقيل الحرم كله، وقيل الكعبة خاصة. وجاءت أحاديث تدل على تفضيل ثواب الصوم وغيره من القربات بمكة ألا أنها في الثبوت ليست كأحاديث الصلاة فيها اه باختصار. وذكر ابن حجر في التحفة أنه صح في الأحاديث بتكرار الألف ثلاثا، كذا كتبه بعض المحشين. وذكر البيري في شرح الأشباه في أحكام المسجد أن المشهور عند أصحابنا أن التضعيف يعم جميع مكة، بل جميع حرم مكة الذي يحرم صيده كما صححه النووي. قوله: (وسقط طواف القدوم الخ) هذه مسائل شتى عنون لها في الهداية والكنز بفصل. وذكر في البحر أن حقيقة السقوط لا تكون إلا في اللازم، فهو هنا مجاز عن عدم سنيته في حقه. إما لأنه ما شرع إلا في ابتداء الافعال فلا يكون سنة عند التأخر، ولا شئ عليه بتركه لأنه سنة، وإما لان طواف الزيار أغنى عنه كالفرض يغنى عن تحية المسجد، ولذا لم يكن للعمرة طواف قدوم لان طوافها أغنى عنه قيد بطواف القدوم، لان القارن إذا لم يدخل مكة وقف بعرفات صار رافضا لعمرته فيلزمه دم لرفضها وقضاؤها كما سيأتي في آخر القران اه. قوله:
(وأساء) أي لتركه السنة، وقدمنا أن الإساءة دون الكراهة: أي التحريمية. قوله: (عرفية) أي في عرف اللغة، والأوضح أن يقول لغوية أو شرعية كما عبر في شر اللباب. قوله: (وهو اليسير) ذكر الضمير مراعاة لتذكير الخبر. قوله: (من زوال الخ) متعلق بمحذوف صفة لساعة لا بوقف لفساد المعنى باعتبار الغاية، فتدبر. قوله: (أو اجتاز) أي مر، وقوله: مسرعا حال أشار به إلى أن هذه الساعة اليسيرة يكفي منها هذا المقدار من الوقوف، فإن المسرع لا يخلو عن وقوف يسير على قدم عند القدم الأخرى، ولذا صح اعتكافه كما مر في بابه. قوله: (أو نائما أو مغمى عليه) يشير إلى أن الوقوف بعرفة يصح بلا نية كما سيصرح به، بخلاف الطواف.
قال في البحر: والفرق أن الطواف عبادة مقصودة، ولهذا يتنفل به فلا بد من اشتراط أصل النية وإن كان غير محتاج إلى تعيينه كما مر، وأما الوقوف فليس بعبادة مقصودة، ولذا لا يتنفل به، فوجود النية في أصل العبادة وهو الاحرام يغني عن اشتراطه في الوقوف اه. لكن أورد عليه في النهر القراءة في الصلاة فإنها عبادة مستقلة بدليل أنه يتنفل بها مع أنه لا يشترط لها النية. قال: ولم أره لاحد، ولم يظهر لي عنه جواب.