الخ، لأن النية أمر آخر وراء الإرادة وهو العزم على الشئ كما قال البزازي، وقد أفصح عن ذلك ما قاله الراغب: إن دواعي الانسان للفعل على مراتب: السانح ثم الخاطر، ثم الفكر، ثم الإرادة، ثم الهمة، ثم العزم. ولو قال بلسانه: نويت الحج وأحرمت به لبيك الخ كان حسنا ليجتمع القلب واللسان، كذا في الزيلعي. قال في الفتح: وعلى قياس ما قدمناه في شروط الصلاة إنما يحسن إذا لم تجتمع عزيمته لا إذا اجتمعت، ولم نعلم أن أحدا من الرواة لنسكه (ص) روى أنه سمعه يقول:
نويت العمرة ولا الحج، ولهذا قال مشايخنا: إن الذكر باللسان حسن ليطابق القلب اه.
قال في البحر: فالحاصل أن التلفظ باللسان بالنية بدعة مطلقا في جميع العبادات اه. لكن اعترضه الرحمتي بما في صحيح البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه: سمعتهم يصرخون بهما جميعا. وعنه: ثم أهل بحج وعمرة، وأهل الناس بهما، إلى غير ذلك مما هو مصرح بالنطق بما يفيد معنى النية، ولم يقل أحد إن النية تتعين بلفظ مخصوص، لا وجوبا ولا ندبا، فكيف يقال إنها لم توجد في كلام أحد من الرواة؟ فتأمل اه.
قلت: قد يجاب بأن المراد نفي التصريح بلفظ نويت الحج، وإن ما ورد من الاهلال المذكور هو ما في ضمن الدعاء بالتيسير والتقبل، وقد علمت أن هذا ليس بنية، وإنما النية في وقت التلبية كما أشار إليه المصنف كغيره بقوله ناويا أو هو ما يذكره في التلبية. ففي اللباب وشرحه:
ويستحب أن يذكر في إهلاله: أي في رفع صوته بالتلبية ما أحرم به من حج أو عمرة فيقول: لبيك بحجة، ومثله في البدائع. تأمل. قوله: (بيان للأكمل) راجع إلى قوله: تنوي بها (1) الحج كما في البحر. قوله: (بمطلق النية) من إضافة الصفة للموصوف: أي بالنية المطلقة عن التقييد بالحج بأن نوى النسك من غير تعيين حج أو عمرة، ثم إن عين قبل الطواف فيها وإلا صرف للعمرة كما يأتي.
قال في اللباب: وتعيين النسك ليس بشرط فصح مبهما وبما أحرم به الغير. ثم قال في موضع آخر:
ولو أحرم بما أحرم به غيره فهو مبهم فيلزمه حجة أو عمرة، وقيده شارحه بما إذا لم يعلم بما أحرم به غيره اه وكذا لو أطلق نية الحج صرف للفرض، ويأتي تمامه قريبا قبيل قوله: ولو أشعرها.
قوله: (ولو بقلبه) لان ذكر ما يحرم به في الحج أو العمرة باللسان ليس بشرط كما في الصلاة زيلعي. قوله: (بذكر يقصد به التعظيم) أي ولو مشوبا بالدعاء على الصحيح. شرح اللباب. وفي الخانية: ولو قال اللهم ولم يزد، قال الإمام ابن الفضل: هو على الاختلاف الذي ذكرناه في الشروع في الصلاة.
والحاصل أن اقتران النية بخصوص التلبية ليس بشرط، بل هو السنة، وإنما الشرط اقترانها بأي ذكر كان، وإذا لبى فلا بد أن تكون باللسان. قال في اللباب: فلو ذكرها بقلبه لم يعتد بها، والأخرس يلزمه تحريك لسانه، وقيل لا، بل يستحب اه. ومال شارحه إلى الثاني، لان الأصح أنه لا يلزمه التحريك في القراءة للصلاة، فهذا أولى لان الحج أوسع، ولان القراءة فرض قطعي متفق عليه، بخلاف التلبية. قوله: (ولو بالفارسية) أي أو غيرها كالتركية والهندية كما في اللباب وأشار