والمعنى أنه إنما يلزمه الفداء إذا مات بعد قدرته على القضاء وفوته بالموت. قوله: (فلو فاته الخ) تفريع على قوله: بقدر إدراكهم أو على قوله: بعد قدرته عليه فإنه يشير إلى أنه إنما يفدي عما أدركه وفوته دون ما لم يدركه، وأشار به إلى رد قول الطحاوي: إن هذا قول محمد، وعندهما تجب الوصية والفداء عن جميع الشهر بالقدرة على يوم، فإن الخلاف في النذر فقط كما يأتي بيانه آخر الباب، أما هنا فلا خلا ف في أن الوجوب بقدر القدرة فقط، كما نبه عليه في الهداية وغيرها. قوله:
(من الثلث) أي ثلث ماله بعد تجهيزه وإيفاء ديون العباد، فلو زادت الفدية على الثلث لا يجب الزائد إلا بإجازة الوارث. قوله: (وهذا) أي إخراجها من الثلث فقط، لو له وارث لم يرض بالزائد.
قوله: (وإلا) أي بأن لم يكن له وارث فتخرج من كل: أي لو بلغت كل المال تخرج من الكل، لان منع الزيادة لحق الوارث، فحيث لا وارث فلا منع كما لو كان وأجاز، وكذا لو كان له وارث ممن لا يرد عليه كأحد الزوجين، فتنفذ الزيادة على الثلث بعد أخذ الوارث فرضه كما سيأتي بيانه آخر الكتاب إن شاء الله تعالى. قوله: (جاز) إن أريد بالجواز أنها صدقة واقعة موقعها فحسن، وإن أريد سقوط واجب الايصاء عن الميت مع موته مصرا على التقصير فلا وجه له، والأخبار الواردة فيه مؤولة. إسماعيل عن المجتبى.
أقول: لا مانع من كون المراد به سقوط المطالبة عن الميت بالصوم في الآخرة وإن بقي عليه إثم التأخير، كما لو كان عليه دين عبد وماطله به، حتى مات فأوفاه عنه وصيه أو غيره، ويؤيده تعليق الجواز بالمشيئة كما نقرره، وكذا قول المصنف كغيره، وإن صام أو صلى عنه لا، فإن معناه لا يجوز قضاء عما على الميت، وإلا فلو جعل له ثواب الصوم والصلاة يجوز كما نذكره، فعلم أن قوله: جاز أي عما على الميت لتحسن المقابلة. قوله: (إن شاء الله) قيل المشيئة لا ترجع للجواز بل للقبول كسائر العبادات، وليس كذلك، فقد جزم محمد رحمه الله في فدية الشيح الكبير وعلق بالمشيئة فيمن ألحق به، كمن أفطر بعذر أو غيره حتى صار فانيا، وكذا من مات وعليه قضاء رمضان وقد أفطر بعذر إلا أنه فرط في القضاء، وإنما علق لان النص لم يرد بهذا كما قاله الإتقاني، وكذا علق في فدية الصلاة لذلك، قال في الفتح: والصلاة كالصوم باستحسان المشايخ. ووجهه أن المماثلة قد ثبتت شرعا بين الصوم والاطعام، والمماثلة بين الصلاة والصوم ثابتة، ومثل مثل الشئ جاز أن يكون مثلا لذلك الشئ، وعلى تقدير ذلك يجب الاطعام، وعلى تقدير عدمها لا يجب، فالاحتياط في الايجاب، فإن كان الواقع ثبوت المماثلة حصل المقصود الذي هو السقوط، وإلا كان برا مبتدأ يصلح ماحيا للسيئات، ولذا قال محمد فيه: يجزيه إن شاء الله تعالى من غير جزم، كما قال في تبرع الوارث بالاطعام، بخلاف إيصائه بعن عن الصوم فإنه جزم بالاجزاء اه. قوله: (ويكون الثواب للولي. اختيار) أقول: الذي رأيته في الاختيار هكذا: وإن لم يوص لا يجب على الورثة الاطعام لأنها عبادة فلا تؤدى إلا بأمره، وإن فعلوا ذلك جاز ويكون له ثواب اه. ولا شبهة في أن الضمير في له للميت، وهذا هو الظاهر، لان الوصي إنما تصدق عن الميت لا عن نفسه، فيكون الثواب للميت لما صرح به في الهداية من أن للانسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو