صدقة أو غيرها كما سيأتي في باب الحج عن الغير، وقدمنا الكلام على ذلك في الجنائز قبيل باب التشهد فتذكره بالمراجعة، نعم ذكرنا هنا ك أنه لو تصدق عن غيره لا ينقص من أجره شئ. قوله:
(لحديث النسائي الخ) هو موقوف على ابن عباس، وأما في الصحيحين عن ابن عباس أيضا أنه قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟
فقال: لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق فهو منسوخ، لان فتوى الراوي على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ. وقال مالك: ولم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين بالمدينة أن أحدا منهم أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحد، وهذا مما يؤيد النسخ وأنه الامر الذي استقر الشرع عليه، وتمامه في الفتح وشرح النقاية للقاري. قوله: (بكفارة يمين أو قتل الخ) كذا في الزيلعي والدرر والبحر والنهر.
قال في الشرنبلالية: أقول: لا يصح تبرع الوارث في كفارة القتل بشئ لان الواجب فيها ابتداء عتق رقبة مؤمنة، ولا يصح إعتاق الورث عنه كما ذكره، والصوم فيها بدل عن الاعتاق لا تصح فيه الفدية كما سيأتي، وليس في كفارة القتل إطعام ولا كسوة فجعلها مشاركة لكفارة اليمين فيهما سهو اه. ومثله في العزمية. وأجاب العلامة الاقصرائي كما نقله أبو السعود في حاشية مسكين بأن مرادهم بالقتل: قتل الصيد لا قتل النفس، لأنه ليس فيه إطعام اه.
قلت: ويرد عليه أيضا أن الصوم في قتل الصيد ليس أصلا، بل هو بدل لان الواجب فيه أن يشتري بقيمته هدى يذبح في الحرم، أو طعام يتصدق به على فقير نصف صاع، أو يصوم عن كل نصف صاع يوما، فافهم.
قلت: وقد يفرق بين الفدية (1) في الحياة وبعد الموت بدليل ما في الكافي النسفي عن معسر كفارة يمين أو قتل وعجز عن الصوم لم تجزي الفدية كمتمتع عجز عن الدم والصوم، لأن الصوم هنا بدل ولا بدل للبدل فإن مات وأوصى بالتكفير صح من ثلثه، وصح التبرع في الكسوة والاطعام، لان الاعتاق بلا إيصال إلزام الولاء على الميت، وإلا إلزام في الكسوة والاطعام اه. فقوله فإن مات وأوصى بالتكفير صح، ظاهر في الفرق المذكور، وبه يتخصص ما سيأتي من أنه لا تصح الفدية عن صوم هو بدل من غيره. ثم إن قوله وأوصى بالتكفير، شامل لكفارة اليمين والقتل لصحة الوصية بالاعتاق، بخلاف التبرع به، ولذا قيد صحة التبرع بالكسوة والاطعام، وصرح بعدم صحة الاعتاق فيه، وهذا قرينة ظاهرة على أن المراد التبرع بكفارة اليمين فقط، لان كفارة اقتل ليس فيها كسوة ولا إطعام.
فتلخص من كلام الكافي أن العاجز عن صوم هو بدل عن غيره كما في كفارة اليمين والقتل لو فدى عن نفسه في حياته بأن كان شيخا فانيا لا يصح في الكفارتين. ولو أوصى بالفدية يصح فيهما،