يلزم اجتماع الخصال الثلاث فيهم اه من المعراج ملخصا. قوله: (لا يجوز الخ) عزاه في البحر إلى القنية. وقال في التاترخانية: وفي الفتاوى سئل علي بن أحمد عن المحترف إذا كان يعلم أنه لو اشتغل بحرفته مرض يبيح الفطر وهو محتاج للنفقة، هل يباح له الاكل قبل أن يمرض؟ فمنع من ذلك أشد المنع، وهكذا حكاه عن أستاذه الوبري. وفيها سألت أبا حامد عن خباز يضعف في آخر النهار هل له أن يعمل هذا العمل؟ قال: لا، ولكن يخبز نصف النهار ويستريح في الباقي، فإن قال: لا يكفيه، كذب بأيام الشتاء فإنها أقصر فما يفعله فيها يفعله اليوم اه ملخصا. وقال الرملي:
وفي جامع الفتاوى: ولو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع اه: أي إذا لم يدرك عدة من أيام أخر يمكنه الصوم فيها وإلا وجب عليه القضاء وعلى هذا الحصاد إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بالتأخير لا شك في جواز الفطر والقضاء، وكذا الخباز. وقوله: كذب الخ فيه نظر، فإن طول النهار وقصره لا دخل له في الكفاية، فقد يظهر صدقه في قوله: لا يكفيني فيفوض إليه حملا لحاله على الصلاح. تأمل اه كلام الرملي: أي لان الحاجة تختلف صيفا وشتاء وغلاء ورخصا وقلة عيال وضدها، ولكن ما نقله عن جامع الفتاوى صوره في نور الايضاح وغيره بمن نذر صوم الأبد، ويؤيده إطلاق قوله: يفطر ويطعم، وكلامنا في صوم رمضان. والذي ينبغي في مسألة المحترف حيث كان الظاهر أن ما مر من تفقهات المشايخ لا من منقول المذهب أن يقال: إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر، لأنه يحرم عليه السؤال من الناس فالفطر أولى، وإلا فله العمل بقدر ما يكفيه، ولو أداه إلى الفطر يحل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر، وكذا لو خاف هلاك زرعه أو سرقته ولم يجد من يعمل له بأجرة المثل، وهو يقدر عليها، لان له قطع الصلاة لأقل من ذلك، لكن لو كان آجر نفسه في العمل مدة معلومة فجاء رمضان فالظاهر أن له الفطر، وإن كان عنده ما يكفيه إذا لم يرض المستأجر بفسخ الإجازة كما في الظئر، فإنه يجب عليها الارضاع بالعقد، ويحل لها الافطار إذا خافت على الولد، فيكون خوفه على نفسه أولى. تأمل. هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. قوله: (فإن أجهد الحر الخ) قال في الوهبانية:
فإن أجهد الانسان بالشغل نفسه فأفطر في التكفير قولين سطروا قال الشرنبلالي: صورته: صائم أتعب نفسه في عمل حتى أجهده العطش فأفطر، لزمته الكفارة، وقيل لا وبه أفتى البقالي، وهذا بخلاف الأمة إذا أجهدت نفسها لأنها معذورة تحت قهر المولى، ولها أن تمتنع من ذلك، وكذا العبد اه ح. وظاهره، وهو الذي في الشرنبلالية عن المنتقى: ترجيح وجوب الكفارة ط.
قلت: مقتضى قوله ولها أن تمتنع لزوم الكفارة عليها أيضا لو فعلت مختارة، فيكون ما قبله محمولا على ما إذا كان بغير اختيارها بدليل التعليل، والله أعلم.