قلت: ووجه الاستدراك أن هذه الاستفاضة ليس فيها شهادة على قضاء قاض ولا على شهادة لكن لما كانت بمنزلة الخبر المتواتر، وقد ثبت بها أن أهل تلك البلدة صاموا يوم كذا لزم العمل بها، لان البلدة لا تخلو عن حاكم شرعي عادة فلا بد من أن يكون صومهم مبنيا على حكم حاكمهم الشرعي، فكانت تلك الاستفاضة بمعنى نقل الحكم المذكور، وهي أقوى من الشهادة بأن أهل تلك البلدة رأوا الهلال وصاموا لأنها لا تفيد اليقين، فلذا لم تقبل إلا إذا كانت على الحكم أو على شهادة غيرهم لتكون شهادة معتبرة، وإلا فهي مجرد إخبار، بخلاف الاستفاضة فإنها تفيد اليقين فلا ينافي ما قبله، هذا ما ظهر لي. تأمل.
تنبيه: قال الرحمتي: معنى الاستفاضة أن تأتي من تلك البلدة جماعات متعددون كل منهم يخبر عن أهل تلك البلدة أنهم صاموا عن رؤية لا مجرد الشيوع من غير علم بمن أشاعه، كما قد تشيع أخبار يتحدث بها سائر أهل البلدة ولا يعلم من أشاعها كما ورد: أن في آخر الزمان يجلس الشيطان بين الجماعة فيتكلم بالكلمة فيتحدثون بها ويقولون لا ندري من قالها، فمثل هذا لا ينبغي أن يسمع فضلا عن أن يثبت به حكم اه.
قلت: وهو كلام حسن ويشير إليه قول الذخيرة: إذا استفاض وتحقق فإن التحقق لا يوجد بمجرد الشيوع. قوله: (حل الفطر) أي اتفاقا إن كانت ليلة الحادي والثلاثين متغيمة، وكذا لو مصحية على ما صححه في الدراية والخلاصة والبزازية، وصحح عدمه في مجموع النوازل والسيد الامام الاجل ناصر الدين كما في الامداد، ونقل العلامة نوح الاتفاق على حل الفطر في الثانية أيضا عن البدائع والسراج والجوهرة. قال: والمراد اتفاق أئمتنا الثلاثة، وما حكي فيها من الخلاف إنما هو لبعض المشايخ.
قلت: وفي الفيض: الفتوى على حل الفطر. ووفق المحقق ابن الهمام كما نقله عنه في الامداد بأنه لا يبعد لو قال قائل إن قبلهما في الصحو: أي في هلال رمضان وتم العدد لا يفطرون، وإن قبلهما في غيم أفطروا لتحقق زيادة القوة في الثبوت في الثاني والاشتراك في عدم الثبوت أصلا في الأول فصار كشهادة الواحد اه.
قال: والحاصل: أنه إذا غم شوال أفطروا اتفاقا إذا ثبت رمضان بشهادة عدلين في الغيم أو الصحو، وإن لم يغم فقيل يفطرون مطلقا، وقيل لا مطلقا، وقيل يفطرون إن غم رمضان أيضا، وإلا لا. قوله: (حيث يجوز) حيثية تقييد أي بأن قبله القاضي في الغيم أو في الصحو وهو ممن يرى ذلك، فتح: أي بأن كان شافيا أو يرى قول الطحاوي بقبول شهادته في الصحو إذا جاء من الصحراء أو كان على مكان مرتفع في المصر، وقدمنا ترجيحه، وما هنا يرجحه أيضا، فقد قال في الفتح في قول الهداية: إذا قبل الامام شهادة الواحد وصاموا الخ، هكذا الرواية على الاطلاق.
قوله: (وغم هلال الفطر) الجملة حالية قيد بها لأنها محل الخلاف على ما ذكره المصنف. قوله: (لا يحل) أي الفطر إذا لم ير الهلال. قال في الدرر: ويعزز ذلك الشاهد: أي لظهور كذبه. قوله: (لكن